وقوله :﴿والفتنة أشد من القتل﴾ تذييل و﴿أل﴾ فيه للجنس تدل على الاستغراق في المقام الخَطَابيِّ، وهو حجة للمسلمين ونفي للتبعة عنهم في القتال بمكة إن اضطروا إليه. والفتنة إلقاء الخوف واختلال نظام العَيْشِ وقد تقدمت عند قوله تعالى :﴿حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر﴾ [البقرة : ١٠٢]، إشارة إلى ما لقيه المؤمنون في مكة من الأذى بالشتم والضرب والسخرية إلى أن كان آخره الإخراج من الديار والأموال، فالمشركون محقوقون من قبل فإذا خفروا العهد استحقوا المؤاخذة بما مضى فيما كان الصلح مانعاً من مؤاخذتهم عليه ؛ وإنما كانت الفتنة أشد من القتل لتكرر إضرارها بخلاف ألم القتل، ويراد منها أيضاً الفتنة المتوقعة بناء على توقع أن يصدوهم عن البيت أو أن يغدروا بهم إذا حلوا بمكة، ولهذا اشترط المسلمون في صلح الحديبية أنهم يدخلون العام القابل بالسيوف في قرابها، والمقصد من هذا إعلان عذر المسلمين في قتالهم المشركين وإلقاء بغض المشركين في قلوبهم حتى يكونوا على أهبة قتالهم والانتقام منهم بصدور حرجة حنقة. وليس المراد من الفتنة خصوص الإخراج من الديار، لأن التذييل يجب أن يكون أعم من الكلام المذيَّل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٠٢﴾
وقال البيضاوى :
﴿ والفتنة أَشَدُّ مِنَ القتل﴾ أي المحنة التي يفتتن بها الإنسان، كالإخراج من الوطن أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها. وقيل : معناه شركهم في الحرم وصدهم إياكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ١ صـ ٤٧٦ ـ ٤٧٧﴾
وقال الثعالبى :


الصفحة التالية
Icon