فوائد فى الآية الكريمة
وقد دلت الآية بالنص على إباحة قتل المحارب إذا حارب في الحرم أو استولى عليه لأن الاستيلاء مقاتلة ؛ فالإجماع على أنه لو استولى على مكة عدو وقال : لا أقاتلكم وأمنعكم من الحج ولا أبرح من مكة لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتال ؛ نقله القرطبي عن ابن خويز منداد من مالكية العراق. قال ابن خويز منداد : وأما قوله :﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه﴾ فيجوز أن يكون منسوخاً بقوله :﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة﴾ [البقرة : ١٩٣].
واختلفوا في دلالتها على جواز قتل الكافر المحارب إذا لجأ إلى الحرم بدون أن يكون قتال وكذا الجاني إذا لجأ إلى الحرم فاراً من القصاص والعقوبة فقال مالك : بجواز ذلك واحتج على ذلك بأن قوله تعالى :﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم﴾ [التوبة : ٥] الآية قد نسخ هاته الآية وهو قول قتادة ومقاتل بناء على تأخر نزولها عن وقت العمل بهذه الآية والعام المتأخر عن العمل ينسخ الخاص اتفاقاً.
وبالحديث الذي رواه في " الموطأ" عن أنس بن مالك " أن رسول الله ﷺ دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء أبو برزة فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله ﷺ اقتلوه " وابن خطل هذا هو عبد العزى بن خطل التيمي كان ممن أسلم ثم كفر بعد إسلامه وجعل دأبه سب رسول الله ﷺ والإسلام فأهدر النبي ﷺ يوم الفتح دمه فلما علم ذلك عاذ بأستار الكعبة فأمر النبي ﷺ بقتله حينئذٍ، فكان قتل ابن خطل قتل حد لا قتل حرب ؛ لأن النبي ﷺ قد وضع المغفر عن رأسه وقد انقضت الساعة التي أحل الله له فيها مكة.


الصفحة التالية
Icon