قوله تعالى :﴿فَإِنِ انْتَهَوْاْ ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿فَإِنِ انْتَهَوْاْ﴾ فالمراد : فإن انتهوا عن الأمر الذي لأجله وجب قتالهم، وهو إما كفرهم أو قتالهم، فعند ذلك لا يجوز قتالهم، وهو كقوله تعالى :﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال : ٣٨ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١٤﴾
قوله تعالى :﴿فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين ﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين﴾ ففيه وجهان الأول : فإن انتهوا فلا عدوان، أي فلا قتل إلاعلى الذين لا ينتهون على الكفر فإنهم بإصرارهم على كفرهم ظالمون لأنفسهم على ما قال تعالى :﴿إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١١٤﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين﴾، أي فإن انتهوا عن نقض الصلح أو فإن انتهوا عن الشرك بأن آمنوا فلا عدوان عليهم، وهذا تصريح بمفهوم قوله :﴿الذين يقاتلونكم﴾ [البقرة : ١٩٠] واحتيج إليه لبعد الصفة بطول الكلام ولاقتضاء المقام التصريحَ بأهم الغايتين من القتال ؛ لئلا يتوهم أن آخر الكلام نسخ أوله وأوجب قتال المشركين في كل حال.
وقوله :﴿فلا عدوان إلا على الظالمين﴾ قائم مقام جواب الشرط لأنه علة الجواب المحذوف، والمعنى فإن انتهوا عن قتالكم ولم يقدموا عليه فلا تأخذوهم بالظنة ولا تبدءوهم بالقتال، لأنهم غير ظالمين ؛ وإذ لا عدوان إلاّ على الظالمين، وهو مجاز بديع.