ورابط الجزاء بالشرط إما بتقدير حذف أي : إلاَّ على الظالمين منهم، أو بالاندراج في عموم الظالمين، فكان الربط بالعموم.
أهـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٧٧﴾
وقال ابن عطية
والانتهاء في هذا الموضع يصح مع عموم الآية في الكفار أن يكون الدخول في الإسلام، ويصح أن يكون أداء الجزية، وسمى ما يصنع بالظالمين عدواناً من حيث هو جزاء عدوان إذ الظلم يتضمن العدوان، والعقوبة تسمى باسم الذنب في غير ما موضع، والظالمون هم على أحد التأويلين : من بدأ بقتال، وعلى التأويل الآخر : من بقي على كفر وفتنة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٢٦٣﴾
قال أبو حيان :
وفسر الظالمون هنا بمن بدأ بالقتال، وقيل : من بقي على كفر وفتنة، قال عكرمة، وقتادة : الظالم هنا من أبى أن يقول لا إله إلاَّ الله. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٧٧﴾
كلام نفيس فى آيات الجهاد لصاحب الميزان :
قال رحمه الله :
سياق الآيات الشريفة يدل على أنها نازلة دفعة واحدة، وقد سيق الكلام فيها لبيان غرض واحد وهو تشريع القتال لأول مرة مع مشركي مكة، فإن فيها تعرضا لإخراجهم من حيث أخرجوا المؤمنين، وللفتنة، وللقصاص، والنهي عن مقاتلتهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوا عنده، وكل ذلك أمور مربوطة بمشركي مكة، على أنه تعالى قيد القتال بالقتال في قوله :﴿وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم﴾، وليس معناه الاشتراط أي قاتلوهم إن قاتلوكم وهو ظاهر، ولا قيدا احترازيا، والمعنى قاتلوا الرجال دون النساء والولدان الذين لا يقاتلونكم كما ذكره بعضهم، إذ لا معنى لقتال من لا يقدر على القتال حتى ينهى عن مقاتلته، ويقال : لا تقاتله بل إنما الصحيح النهى عن قتله دون قتاله.
بل الظاهر أن الفعل أعني يقاتلونكم، للحال والوصف للإشارة، والمراد به الذين حالهم حال القتال مع المؤمنين وهم مشركوا مكة.