ومعنى كونها قصاصاً أي مماثلة في المجازاة والانتصاف، فمن انتهكها بجناية يعاقب فيها جزاء جنايته، وذلك أن الله جعل الحرمة للأشهر الحرم لقصد الأمن فإذا أراد أحد أن يتخذ ذلك ذريعة إلى غدر الأمن أو الإضرار به فعلى الآخر الدفاع عن نفسه، لأن حرمة الناس مقدمة على حرمة الأزمنة، ويشمل ذلك حرمة المكان كما تقدم في قوله تعالى :﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلونكم فيه﴾ [البقرة : ١٩١]، والإخبار عن الحرمات بلفظ (قصاص) إخبار بالمصدر للمبالغة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢١١﴾
فائدة
قال ابن عرفة
قوله تعالى :﴿الشهر الحرام بالشهر الحرام...﴾.
ابن عطية : عن ابن عباس رضي الله عنه وجماعة (صد) النبي عن البيت سنة ست ودخلها سنة سبع فنزلت آية :" الشهر الحرام " الذي دخلتم فيه الحرم " بالشهر الحرام " الذي صدوكم فيه عنه.
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : سأله الكفار هل يقاتل في الشهر الحرام ؟.
فقال : لا، فهمُّوا بالهجوم عليه فيه فنزلت، أي هو عليكم كما هو عليهم إن تركوا فيه القتال فاتركوه وإلا فلا.
قال ابن عرفة : الأول : بناء على أنهما شهران من سنتين، والثاني : على أنه شهر واحد من سنة واحدة وتعدده لأجل تعدد حالاته. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٥٦٢﴾
قال القرطبى :
﴿ والحرمات قِصَاصٌ﴾ الحُرُمات جمع حُرْمة، كالظُّلُمات جمع ظُلْمة، والحُجُرات جمع حُجرة. وإنما جُمعت الحُرُمات لأنه أراد (حُرْمة) الشهر الحرام (وحُرْمة) البلد الحرام، وحُرْمة الإحرام. والحُرْمة : ما مُنِعتَ من انتهاكه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٣٥٥﴾


الصفحة التالية