قال الواحدي : في قول الجميع، والدعائية لا تكون جواباً للقسم، فقيل : الجواب قوله :﴿ إِنَّ الذين فَتَنُواْ المؤمنين ﴾ وقيل : قوله :﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ وبه قال المبرد : واعترض عليه بطول الفصل.
وقيل : هو مقدّر يدلّ عليه قوله :﴿ قُتِلَ أصحاب الأخدود ﴾ كأنه قال أقسم بهذه الأشياء أن كفار قريش ملعونون، كما لعن أصحاب الأخدود.
وقيل : تقدير الجواب : لتبعثنّ، واختاره ابن الأنباري.
وقال أبو حاتم السجستاني، وابن الأنباري أيضاً : في الكلام تقديم وتأخير، أي : قتل أصحاب الأخدود، والسماء ذات البروج، واعترض عليه بأنه لا يجوز أن يقال : والله قام زيد، والأخدود : الشقّ العظيم المستطيل في الأرض كالخندق، وجمعه أخاديد، ومنه الخدّ لمجاري الدموع، والمخدة لأن الخد يوضع عليها، ويقال تخدد وجه الرجل : إذا صارت فيه أخاديد من خراج، ومنه قول طرفة :
ووجه كأن الشمس ألقتّ رداءها... عليه نقيّ اللون لم يتخدّد
وسيأتي بيان حديث أصحاب الأخدود إن شاء الله.
قرأ الجمهور :﴿ النار ذات الوقود ﴾ بجر النار على أنها بدل اشتمال من الأخدود ؛ لأن الأخدود مشتمل عليها، وذات الوقود وصف لها بأنها نار عظيمة، والوقود : الحطب الذي توقد به.
وقيل : هو بدل كل من كل، لا بدل اشتمال.
وقيل : إن النار مخفوضة على الجوار، كذا حكى مكي عن الكوفيين.
وقرأ الجمهور بفتح الواو من الوقود، وقرأ قتادة، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم بضمها.
وقرأ أشهب العقيلي، وأبو حيوة، وأبو السماك العدوي، وابن السميفع، وعيسى برفع النار على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي : هي النار، أو على أنها فاعل فعل محذوف، أي : أحرقتهم النار ﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ العامل في الظرف قتل، أي : لعنوا حين أحدقوا بالنار قاعدين على ما يدنو منها، ويقرب إليها.
قال مقاتل : يعني : عند النار قعود يعرضونهم على الكفر.