فذلك شهر، وهو إشارة إلى أن الذي فصل السماء هذا التفصيل وسخر فيها هذه الكواكب لمصالح الإنسان لا يتركه سدىً، بل لا بد من دينونته على ما يفعله من خير وشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارة وتكون فيها الثوابت وعظام الكواكب، سميت بروجاً لظهورها، أو أبواب السماء فإن النوازل تخرج منها، وأصل التركيب للظهور.
ولما كانت هذه الجملة من القسم دالة على البعث قال تصريحاً :﴿واليوم الموعود﴾ أي يوم القيامة الذي تحقق الوعد به وثبت ثبوتاً لا بد منه بما دل عليه من قدرتنا في مخلوقاتنا وأنا سببنا له أسباباً هي عتيدة لديكم وأنتم لا ترونها ولا تحسون شيئاً منها ولم تبينها لكم الرسل لقصور عقولكم عنها بأكثر من الدلالة بالأسباب التي ألفتموها على مثلها من غير فرق غير أنه وإن كان العقل لا يستقل به ولا يفقه منه غير السماء للوعد به من الرسل فهو لا يحيله بعد سماعه.
ولما كان الجمع لأجل العرض، وكان العرض لا بد فيه من شهود ومشهود عليهم وجدال على عهود، قال منكّراً للإبهام للتعظيم والتعميم مثل ﴿علمت نفس ما أحضرت﴾ [ التكوير : ١٤ ] :﴿وشاهد﴾ أي كريم من الأولياء ﴿ومشهود﴾ أي في نفسه من الأعيان والآثار الهائلة، أو عليه فإنه يوم تشهده جميع الخلائق، ويحضر فيه من العجائب أمور يكل عنها الوصف، ويحضره الأنبياء الشاهدون وأممهم المشهود عليهم، ولا تبقى صغيرة من الأعمال ولا كبيرة إلاّ أحصيت، وفي ذلك أشد وعيد لجميع العبيد.