ولما ذمهم سبحانه وتعالى، بين وجه ذمهم ببدل اشتمال من أخدودهم فقال :﴿النار﴾ أي العظيمة التي صنعوها لعذاب أوليائنا، وزاد في تعظيمها بقوله :﴿ذات الوقود﴾ أي الشيء الذي نوقد به من كل ما يصلح لذلك من الحطب وغيره، وعلق ب " قتل " قوله :﴿إذ هم﴾ أي بظواهرهم وضمائرهم ﴿عليها﴾ أي على جوانب أخدودها ﴿قعود﴾ أي يحفظونها ويفعلون مما يأمرهم ملكهم في أمرها من إلقاء الناس وغيره فعل القاعد المطمئن الذي ليس له شغل غيرها ﴿وهم على ما يفعلون﴾ أي خاصة بقوة دواعيهم إلى فعله ورغبتهم فيه من الفتنة بالعرض على النار وغيره مكررين ذلك الفعل ﴿بالمؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان الذي لم يثنهم العذاب عنه ﴿شهود﴾ أي يشهد بعضهم لبعض عند الملك أنه لم يقصر فيما أمره به ويشهدون يوم القيامة بما تشهد به عليهم أيديهم وأرجلهم على أنفسهم بهذا الظلم، ويشهد بعضهم على بعض ويعادي بعضهم بعضاً، ويحيل كل على الآخر طمعاً في النجاة.
ولما كان هذا الفعل العظيم لا يكون من عاقل إلا لسبب يليق به، بين أنه إنما هو لسبب يبعد منه، فقال على طريقة :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم...
بهن فلول من قراع الكتائب
﴿وما نقموا﴾ أي أنكروا وكرهوا ﴿منهم﴾ من الحالات وكان ديناً لهم ونقصاً فيهم ﴿إلا أن يؤمنوا﴾ أي يجددوا الإيمان مستمرين عليه ﴿بالله﴾ أي الملك الأعلى الذي له جميع صفات الكمال.


الصفحة التالية
Icon