فصل
قال الفخر :
﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١) ﴾
اعلم أن في البروج ثلاثة أقوال : أحدها : أنها هي البروج الإثنا عشر وهي مشهورة وإنما حسن القسم بها لما فيها من عجيب الحكمة، وذلك لأن سير الشمس فيها ولا شك أن مصالح العالم السفلي مرتبطة بسير الشمس فيدل ذلك على أن لها صانعاً حكيماً، قال الجبائي : وهذه اليمين واقعة على السماء الدنيا لأن البروج فيها، واعلم أن هذا خطأ وتحقيقه ذكرناه في قوله تعالى :﴿إِنَّا زَيَّنَّا السماء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب﴾ [ الصافات : ٦ ]، وثانيها : أن البروج هي منازل القمر، وإنما حسن القسم بها لما في سير القمر وحركته من الآثار العجيبة وثالثها : أن البروج هي عظام الكواكب سميت بروجاً لظهورها.
وأما اليوم الموعود فهو يوم القيامة، رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ، قال القفال : يحتمل أن يكون المراد واليوم الموعود لانشقاق السماء وفنائها وبطلان بروجها.
وأما الشاهد والمشهود، فقد أضطرب أقاويل المفسرين فيه، والقفال أحسن الناس كلاماً فيه، قال : إن الشاهد يقع على شيئين أحدهما : الشاهد الذي تثبت به الدعاوى والحقوق والثاني : الشاهد الذي هو بمعنى الحاضر، كقوله :﴿عالم الغيب والشهادة﴾ [ الأنعام : ٧٣ ] ويقال : فلان شاهد وفلان غائب، وحمل الآية على هذا الاحتمال الثاني أولى، إذ لو كان المراد هو الأول لما خلا لفظ المشهود عن حرف الصلة، فيقال : مشهود عليه، أو مشهود له.