فجمع الناسَ في صعيد واحد، وصلبه على جِذْع، ثم أخذ سهماً من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : باسم الله رب الغلام ؛ ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه، في موضع السهم، فمات ؛ فقال الناس : آمنا برب الغلام! آمنا برب الغلام! آمنا برب الغلام! فأتى الملِك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر؟ قد واللَّهِ نزل بك حَذرك، قد آمن الناس ؛ فأمر بالأخدودٍ في أفواه السِّكك، فخدّت، وأضرم النيران، وقال : من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا ؛ حتى جاءت امرأة ومعها صبيّ لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام :"يا أمَّة اصبري فإنِك على الحق" "
خرجه الترمذي بمعناه.
وفيه :" وكان على طريق الغلام راهب في صومعة " قال معمر : أحسب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمين.
وفيه :" أن الدابة التي حَبَستِ الناس كانت أَسداً، وأن الغلام دُفن قال فيذكر أنه أُخرج في زمن عمر ابن الخطاب وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتِل " وقال : حديث حسن غريب.
ورواه الضحاك عن ابن عباس قال : كان مَلِك بنَجْران، وفي رعِيته رجل له فتى، فبعثه إلى ساحر يعلمه السحر، وكان طريق الفتى على راهب يقرأ الإنجيل ؛ فكان يعجبه ما يسمعه من الراهب، فدخل في دين الراهب ؛ فأقبل يوماً فإذا حية عظيمة قطعت على الناس طريقهم، فأخذ حجراً فقال باسم الله رب السموات والأرض وما بينهما ؛ فقتلها.
وذكر نحو ما تقدم.
وأن الملك لما رماه بالسهم وقتله قال أهل مملكة الملك : لا إله إلا إله عبد الله بن ثامر ؛ وكان اسم الغلام، فغضب الملك، وأمر فخُدّت أخاديد، وجُمع فيها حطب ونار، وعَرَض أهل مملكته عليها، فمن رجعِ عن التوحيد تركه، ومن ثبت على دينه قذفه في النار.