وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) ﴾
أقسم سبحانه بالسماء والطارق، وهو : النجم الثاقب، كما صرّح به التنزيل.
قال الواحدي : قال المفسرون : أقسم الله بالسماء والطارق، يعني : الكواكب تطرق بالليل، وتخفى بالنهار.
قال الفرّاء : الطارق النجم ؛ لأنه يطلع بالليل، وما أتاك ليلاً فهو طارق.
وكذا قال الزجاج، والمبرد : ومنه قول امرىء القيس :
ومثلك حبلى قد طرقت ومرضع... فألهيتها عن ذي تمائم محول
وقوله أيضاً :
ألم ترياني كلما جئت طارقا... وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقد اختلف في الطارق هل هو نجم معين، أو جنس النجم؟ فقيل : هو زحل.
وقيل : الثريا.
وقيل : هو الذي ترمى به الشياطين.
وقيل : هو جنس النجم.
قال في الصحاح :﴿ والطارق ﴾ : النجم الذي يقال له كوكب الصبح، ومنه قول هند بنت عتبة :
نحن بنات طارق... نمشي على النمارق
أي : إن أبانا في الشرف كالنجم المضيء، وأصل الطروق : الدقّ، فسمي قاصد الليل طارقاً لاحتياجه في الوصول إلى الدق.
وقال قوم : إن الطروق قد يكون نهاراً، والعرب تقول : أتيتك اليوم طرقتين أي : مرتين، ومنه قوله ﷺ :" أعوذ بك من شرّ طوارق الليل والنهار إلاَّ طارقاً يطرق بخير " ثم بيّن سبحانه ما هو الطارق، تفخيماً لشأنه بعد تعظيمه بالإقسام به فقال :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق * النجم الثاقب ﴾ الثاقب : المضيء، ومنه يقال : ثقب النجم ثقوباً، وثقابة : إذا أضاء، وثقوبه ضوؤه، ومنه قول الشاعر :
أذاع به في الناس حتى كأنه... بعلياء نار أوقدت بثقوب
قال الواحدي : الطارق يقع على كل ما طرق ليلاً، ولم يكن النبيّ ﷺ يدري ما المراد به لو لم يبينه بقوله :﴿ النجم الثاقب ﴾ قال مجاهد : الثاقب المتوهج.