قال سفيان : كل ما في القرآن ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾، فقد أخبره، وكل شيء قال :﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾ لم يخبره به، وارتفاع قوله :﴿ النجم الثاقب ﴾ على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر نشأ مما قبله، كأنه قيل : ما هو؟ فقيل : هو النجم الثاقب.
﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ هذا جواب القسم، وما بينهما اعتراض، وقد تقدّم في سورة هود اختلاف القرّاء في :" لما "، فمن قرأ بتخفيفها كانت إن هنا هي المخففة من الثقيلة فيها ضمير الشأن المقدّر، وهو اسمها، واللام هي الفارقة، وما مزيدة، أي : إن الشأن كل نفس لعليها حافظ، ومن قرأ بالتشديد، فإن نافية، ولما بمعنى إلا، أي : ما كل نفس إلاّ عليها حافظ، وقد قرأ هنا بالتشديد ابن عامر، وعاصم، وحمزة.
وقرأ الباقون بالتخفيف.
قيل : والحافظ هم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها، وقولها وفعلها، ويحصون ما تكسب من خير وشرّ وقيل : الحافظ هو الله عزّ وجلّ.
وقيل : هو العقل يرشدهم إلى المصالح، ويكفهم عن المفاسد، والأوّل أولى لقوله :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين ﴾ [ الانفطار : ١٠ ] وقوله :﴿ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً ﴾ [ الأنعام : ٦١ ] وقوله :﴿ لَهُ معقبات مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ ﴾ [ الرعد : ١١ ] والحافظ على الحقيقة هو الله عزّ وجلّ، كما في قوله :﴿ فالله خَيْرٌ حافظا ﴾ [ يوسف : ٦٤ ] وحفظ الملائكة من حفظه ؛ لأنهم بأمره.
﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ ﴾ الفاء للدلالة على أن كون على كل نفس حافظ يوجب على الإنسان أن يتفكر في مبتدأ خلقه ؛ ليعلم قدرة الله على ما هو دون ذلك من البعث.
قال مقاتل : يعني : المكذب بالبعث ﴿ مِمَّ خُلِقَ ﴾ من أي شيء خلقه الله، والمعنى : فلينظر نظر التفكر، والاستدلال حتى يعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادر على إعادته.


الصفحة التالية
Icon