فصل
قال السمرقندى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى :﴿ والسماء والطارق ﴾
قال سعيد بن جبير : سألت ابن عباس رضي الله عنهم عن قوله :﴿ والسماء والطارق ﴾ فقال :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق النجم الثاقب ﴾ وسكت فقلت له : مالك؟ فقال : والله ما أعلم منها، إلا ما أعلم ربي.
يعني : تفسير الآية ما ذكر في هذه الآية، وهو قوله : والنجم الثاقب.
يعني : هو الطارق.
وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما في رواية أخرى.
﴿ والسماء والطارق ﴾ قال الطارق الكواكب التي تطرق في الليل، وتخفى في النهار، ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق ﴾ على وجه التعجب والتعظيم.
ثم بيّن فقال ﴿ النجم الثاقب ﴾ يعني : هو النجم المضيء.
وقال مجاهد :﴿ الثاقب ﴾ الذي يتوهج.
وقال الحسن البصري ﴿ الثاقب ﴾ هو النجم، حين يرسل على الشياطين، فيثقبه، يعني : فيحرقه.
وقال قتادة :﴿ النجم الثاقب ﴾ يعني : يطرق بالليل، ويخنس بالنهار فأقسم الله تعالى بالسماء ونجومها.
ويقال : بخالق السماء ونجومها ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ وهذا جواب القسم، يعني : ما من نفس إلا عليها حافظ من الملائكة، يحفظ قولها وفعلها.
قرأ عاصم وحمزة، وابن عامر، ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا ﴾ بتشديد الميم، والباقون ﴿ لَّمَّا عَلَيْهَا ﴾ بالتخفيف، فمن قرأ بالتشديد، فمعناه ما من نفس إلا وعليها حافظ، فيكون لما بمعنى إلا، ومن قرأ بالتخفيف جعل ما مؤكدة، ومعناه كل نفس عليها حافظ.
ثم قال :﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ ﴾ يعني : فليعتبر الإنسان من ماذا خلق.
قال بعضهم : نزلت في شأن أبي طالب، ويقال نزلت في جميع من أنكر البعث.
ثم بين أول خلقهم ليعتبروا فقال :﴿ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ ﴾ يعني : من ماء مهراق في رحم الأم، ويقال : دافق بمعنى مدفوق.