﴿والأرض﴾ أي : مسكنكم الذي أنتم ملابسوه ومعاينوه كل وقت. ﴿ذات الصدع﴾ أي : تنصدع عن النبات والشجر والثمار والأنهار والعيون، نظيره : قوله تعالى :﴿ثم شققنا شقاً﴾ (عبس :)
الآية والصدع بمعنى الشق لأنه يصدع الأرض فتنصدع، به فكأنما قال تعالى : والأرض ذات النبات. وقال مجاهد : ذات الطرق التي تصدعها المشاة، وقيل : ذات الحرث لأنه يصدعها، وقيل : ذات الأموات لإصداعهم عنها للنشور. قال الرازي : واعلم أنه تعالى كما جعل كيفية خلقة الحيوان دليلاً على معرفة المبدأ والمعاد، ذكر في هذا القسم كيفية خلقة النبات فقوله تعالى :﴿والسماء ذات الرجع﴾ كالأب، وقوله تعالى :﴿والأرض ذات الصدع﴾ كالأمّ وكلاهما من النعم العظام، لأنّ نعم الدنيا موقوفةٌ على ما ينزل من السماء مكرّراً، وعلى ما ينبت من الأرض كذلك.
ثم أردف هذا القسم بالمقسم عليه وهو قوله تعالى:
﴿إنه لقول فصل﴾ وفي هذا الضمير قولان أحدهما : ما قاله القفال : وهو أن المعنى : أنّ ما أخبرتكم به من قدرتي على إحيائكم يوم تبلى السرائر قول فصل وحق. والثاني : أنه عائد على القرآن، أي : القرآن فاصل بين الحق والباطل كما قيل له : فرقان. قال الرازي : والأوّل أولى ؛ لأنّ عود الضمير إلى المذكور السالف أولى انتهى. وأكثر المفسرين على الثاني.
والفصل : الحكم الذي ينفصل به الحق من الباطل، ومنه فصل الخصومات وهو قطعها بالحكم الجزم. ويقال : هذا قول فصل قاطع للشرّ والنزاع معناه جدّ ؛ لقوله تعالى: