وقال القاسمى :
سورة الطارق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴾أي : المضيء كأنه يثقب ظلمة الليل وينفذ فيه، فيبصر بنوره ويهتدي به. وسمي طارقاً لأنه يطرق ليلاً أي : يبدو فيه.
قال الشهاب : الطارق من الطرق، وأصل معناه الضرب بوقع وشدةٍ يسمع لها صوت، ومنه المطرقة والطريق ؛ لأن السابلة تطرقها، ثم صار في عرف اللغة اسماً لسالك الطريق، لتصور أنه يطرقها بقدمه، واشتهر فيه حتى صار حقيقة. وتسمية الآتي ليلاً طارقاً ؛ لأنه في الأكثر يجد الأبواب مغلقة فيطرقها.
والتعريف في ﴿ النَّجْمُ ﴾ للجنس. وأصل معنى الثقب الخرق ؛ فالثاقب الخارق، ثم صار بمعنى المضيء، لتصور أنه ثقب الظلام أو الفلك. وفي إبهامه ثم تفسيره تفخيم لشأنه وتنبيه على الاعتبار والاستدلال به.
﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ أي : مهيمن عليها رقيب، وهو الله تعالى، كما في آية :
﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ﴾ [ الأحزاب : ٥٢ ]، فيحصي عليها ما تكسب من خير أو شر، وقد قرئ : لمّا بالتخفيف، فـ : إن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن و ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ مبتدأ و ﴿ عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ خبره. و ما صلة واللام هي الفارقة. وقرئ : لمَّا بالتشديد على أنها بمعنى إلا الاستثنائية، و ﴿ إِن كُلُّ ﴾ نافية والخبر محذوف، أي : ما كل نفس كائنة في حال من الأحوال، إلا في حال أن يكون عليها حافظ ورقيب و ﴿ كُلُّ ﴾ على هذا مؤكدة ؛ لأن ﴿ نَّفْسَ ﴾ حينئذ نكرة في سياق النفي، فتعم.