تقدم للشيخ رحمة الله علينا وعليه بيانه عند الكلام على قوله تعالى :﴿ هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ ﴾ [ يونس : ٣٠ ]، وساق عندها هذه الاية، وسيأتي التصريح به في سورة العاديات عند قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي القبور وَحُصِّلَ مَا فِي الصدور ﴾ [ العاديات : ٩-١٠ ]. وقد أجمل ابتلاء السرائر.
وكذلك أجمل الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بإيراد الآيات.
وذكر المفسرون : أن المراد بها أمانة التكليف فيما لا يعلمه إلاَّ الله، ومثلوا لذلك بالحفاظ على الطهارة للصلاة، وغسل الجنابة، وحفظ الصوم، ونحو ذلك. ومنه العقائد وصدق الإيمان أو النفاق، عياذاً بالله.
والسرائر : هي كل ما يخفيه الإنسان حتى في المعاملات مع الناس، كما في الأثر " الكيس من كانت له عند الله خبيثة سر "، وقوله :﴿ وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ ﴾ [ الملك : ١٣ ]، فالسر ضد الجهر، وقال الأحوص :
سَيبقى لها في مُضمَر القَلب والحَشا... سريرة ود يوم تُبلَى السرائرُ
قال أبو حيان : سمعه الحسن، فقال : ما أغفله عما في السماء والطارق.
فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (١٠)
قالوا : ليس من قوة في نفسه لضعفه، ويدل على قوله :﴿ وَعُرِضُواْ على رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَن لَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً ﴾ [ الكهف : ٤٨ ].
وقوله :﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ﴾ [ القلم : ٤٣ ] أي من الضعف وشدة الخوف، ولا ناصر له من غيره، كما في قوله :﴿ وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً ﴾ [ الكهف : ٤٣ ].
وقوله :﴿ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [ الانفطار : ١٩ ].


الصفحة التالية
Icon