وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)
قيل : رجع السماء : إعادة ضوء النجوم والشمس والقمر.
وقيل : الرجع : الملائكة ترجع بأعمال العباد.
وقيل الرجع : المطر وأرزاق العباد. والأرض ذات الصدع، قيل : تنشق عن الخلائق يوم البعث.
وقيل : تنشق بالنبات.
والذي يشهد له القرآن : أن الرجع والصدع متقابلان من السماء والأرض بالمطر والنبات، كما في قوله تعالى :﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان إلى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأرض شَقّاً فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً ﴾ [ عبس : ٢٤-٢٨ ]، والله تعالى أعلم.
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)
قال ابن كثير : قال ابن عباس حق. وكذا قال قتادة، وقال آخرون : حكم عدل. وقال القرطبي : إنه أي القرآن، يفصل بين الحق والباطل.
وقيل : هو ما تقدم من الوعيد في هذه السورة ﴿ إِنَّهُ على رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تبلى السرآئر ﴾ [ الطارق : ٨-٩ ].
وقال أبو حيان بما قال به القرطبي أولاً، ثم جوّز أن يكون مراداً به الثاني، أي أن الإخبار عن رجع الإنسان يوم تبلى السرائر، قول فصل، وهذا ما يفيده كلام ابن جرير، وعزاه النيسابوري إلى القفال.
وسياق السورة يشهد لهذا القول الثاني، لأن السورة كلها في معرض إثبات القدرة على البعث، وإعادة الإنسان بعد الفناء، حيث تضمنت ثلاثة أدلة من أدلة البعث.
الأول : السماء ذات الطارق. لعظم خلقتها، وعظم دلالتها على القدرة.
الثاني : خلق الإنسان أولاً من ماء دافق، كما في قوله :﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ يس : ٧٩ ].
الثالث : مجموع قوله :﴿ والسمآء ذَاتِ الرجع والأرض ذَاتِ الصدع ﴾ [ الطارق : ١١-١٢ ]، أي إنزال المطر، وإنبات النبات وهو إحياء الأرض بعد موتها. فناسب أن يكون الإقسام على تحقق البحث.