" فوائد لغوية وإعرابية فى السورة الكريمة "
قال السمين :
سورة الطارق
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)
قوله :﴿ والطارق ﴾ : الطارقُ في الأصل اسمُ فاعل مِنْ طَرَقَ يَطْرُقُ طُروقاً، أي : جاء ليلاً قال :

٤٥٣٩ فمِثْلَكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضِعاً فألهَيْتُها عن ذي تمائمَ مُحْوِلِ
وأصلُه من الضَّرْبِ. والطارقُ بالحصى الضارِبُ به. قال :
٤٥٤٠ لعَمْرُكَ ما تَدْري الضواربُ بالحصى ولا زاجراتُ الطيرِ ما اللَّهُ صانعُ
ثم اتُّسِع فقيل لكلٍ جاء ليلاً : طارِقٌ.
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)
قوله :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا ﴾ : قد تقدَّم في سورةِ هود التخفيفُ والتشديدُ في " لَمَّاً ". فمَنْ خَفَّفها هنا كانت " إنْ " هنا مخففةً من الثقيلة، و " كلُّ " مبتدأٌ، واللامُ فارقةٌ، و " عليها " خبرٌ مقدَّمٌ و " حافظٌ " مبتدأٌ مؤخرٌ، والجملةُ خبرُ " كل " و " ما " مزيدةٌ بعد اللامِ الفارقةِ. ويجوزُ أَنْ يكونَ " عليها " هو الخبرَ وحدَه، و " حافِظٌ " فاعلٌ به، وهو أحسنُ. ويجوزُ أَنْ يكونَ " كلُّ " متبدأً، و " حافظٌ " خبرَه، و " عليها " متعلقٌ به و " ما " مزيدة أيضاً، هذا كلُّه تفريعٌ على قولِ البصريِين. وقال الكوفيون :" إنْ هنا نافيةٌ، واللامُ بمعنى " إلاَّ " إيجاباً بعد النفي، و " ما " مزيدةٌ. وتقدَّم الكلامُ في هذا مُسْتوفى.
وأمَّا قراءةُ التشديدِ فإنْ نافيةٌ، و " لَمَّا " بمعنى " إلاَّ "، وتقدَّمَتْ شواهدُ ذلك مستوفاةً في هود. وحكى هارونُ أنه قُرِىءَ هنا " إنَّ " بالتشديدِ، " كلَّ " بالنصب على أنَّه اسمُها، واللامُ هي الداخلةُ في الخبرِ، و " ما " مزيدةٌ و " حافظٌ " خبرُها، وعلى كلِّ تقديرِ فإنْ وما في حَيِّزِها جوابُ القسمِ سواءً جَعَلها مخففةً أو نافيةً. وقيل : الجواب ﴿ إِنَّهُ على رَجْعِهِ ﴾، وما بينهما اعتراضٌ. وفيه بُعْدٌ.


الصفحة التالية
Icon