من مجازات القرآن واستعاراته فى السورة الكريمة
قال الشريف الرضى :
ومن السورة التي يذكر فيها «الطارق»
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢)
وقوله سبحانه : وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ، وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ [١، ٢] وهذه استعارة. لأن الطارق هاهنا كناية عن النجم. فحقيقة الطارق هو الإنسان الذي يطرق ليلا. فلما كان النجم لا يظهر إلا فى حال الليل حسن أن يسمّى طارقا.
وأصل الطّرق : الدقّ. ومنه المطرقة. قالوا : وإنما سمّى الآتي بالليل طارقا، لأنه يأتى فى وقت يحتاج فيه إلى الدق أو ما يقوم مقامه للتنبيه على طروقه، والإيذان بوروده.
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ٦ الى ٧]
خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧)
وقوله سبحانه : خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ [٦، ٧] وهذه استعارة. وحقيقة هذا الماء أنه مدفوق لا دافق. ولكنه خرج على مثل قولهم : سرّ كاتم، وليل نائم. وقد مضت لهذه الآية نظائر كثيرة.
وعندى فى ذلك وجه آخر، وهو أن هذا الماء لما كان فى العاقبة يؤول إلى أن يخرج منه الإنسان المتصرف، والقادر المميز، جاز أن يقوى أمره فيوصف بصفة الفاعل لا صفة


الصفحة التالية
Icon