المفعول، تمييزا له عن غيره من المياه المهراقة، والمائعات المدفوقة. وهذا واضح لمن تأمّله.
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١١ الى ١٢]
وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢)
وقوله سبحانه : وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ [١١، ١٢] وهذه استعارة. والمراد بها صفة السماء بأنها ترجع بدرور «١» الأمطار، وتعاقب الأنواء، مرة بعد مرة، وتعطى الخير حالة بعد حالة.
وقد قيل : إن الرّجع الماء نفسه. وأنشدوا للمتنخل «٢» الهذلي يصف السيف :
أبيض كالرّجع رسوب إذا ما ثاخ فى محتفل يختلى
والمراد بالأرض ذات الصّدع : انصداعها عن النبات، وتشققها عن الأعشاب. وأنشد صاحب «العين «٣»» لبعض العرب :
وجاءت سلتم لا رجع فيها ولا صدع فتحتلب الرّعاء
فالرجع : المطر، والصّدع : العشب، والسّلتم : السنة المجدبة. أ هـ ﴿تلخيص البيان صـ ٣٦٣ ـ ٣٦٤﴾

(١) درت الأمطار درورا : هطلت.
(٢) هو مالك بن عويمر الهذلي، من أشهر شعراء بنى هذيل. والبيت فى «ديوان الهذليين» ج ٢ ص ١٢. والرجع : الغدير فيه ماء المطر. وثاخ مثل ساخ : أي غاب. والمحتفل : معظم الشيء.
ويختلى : يقطع. والرسوب : الذي إذا وقع غمض مكانه لسرعة قطعه.
(٣) هو الخليل بن أحمد الفراهيدى إمام اللغة والأدب وواضع علم العروض، وكان أستاذا لسيبويه النحوي المشهور، ولد فى البصرة ومات بها سنة ١٧٠ ه وعاش حياته فقيرا صابرا. قال فيه النضر بن شميل :
ما رأى الراءون مثل الخليل، ولا رأى الخليل مثل نفسه. واشتهر بكتاب «العين» فى اللغة، وهو لا يزال مخطوطا.


الصفحة التالية
Icon