ثم بين الله تعالى الجنس المذكور بأنه ﴿ النجم الثاقب ﴾، وقيل بل معنى الآية :﴿ والسماء ﴾ وجميع ما يطرق فيها من الأمور والمخلوقات، ثم ذكر تعالى بعد ذلك على جهة التنبيه أجل الطارقات قدراً وهو ﴿ النجم الثاقب ﴾، فكأنه قال :﴿ وما أدراك ما الطارق ﴾، وحق الطارق، واختلف المتأولون في ﴿ النجم الثاقب ﴾، فقال الحسن بن أبي الحسن ما معناه : إنه اسم للجنس، لأنها كلها ثاقبة، أي ظاهرة الضوء، يقال ثقب النجم إذا أضاء، وثقبت النار، كذلك، وثقبت الرائحة إذا سطعت، ويقال للموقد اثقب نارك، أي اضئها، وقال ابن زيد : أراد نجماً مخصوصاً : وهو زحل، ووصفه بالثقوب، لأنه مبرز على الكواكب في ذلك، وقال ابن عباس : أراد الجدي، وقال بعض هؤلاء يقال : ثقب النجم، إذا ارتفع وصف زحلاً بالثقوب لأنه أرفع الكواكب مكاناً. وقال ابن زيد وغيره :﴿ النجم الثاقب ﴾ : الثريا، وهو الذي يطلق عليه اسم النجم معرفاً، وجواب القسم في قوله :﴿ إن كل نفس ﴾ الآية، وقرأ جمهور الناس :" لما " مخففة الميم، قال الحذاق من النحويين وهم البصريون : مخففة من الثقيلة، واللام : لام التأكيد الداخلة على الخبر، وقال الكوفيون :﴿ إن ﴾، بمعنى : ما النافية، واللام بمعنى : إلا، فالتقدير ما كان نفس إلا ﴿ عليها حافظ ﴾، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي والحسن والأعرج وأبو عمرو ونافع بخلاف عنهما وقتادة :" لمّا " بتشديد الميم، وقال أبو الحسن الأخفش :" لمّا " بمعنى : إلا، لغة مشهورة في هذيل وغيرهم، يقال : أقسمت عليك لمّا فعلت كذا، أي إلا فعلت كذا، ومعنى هذه الآية فيما قال قتادة وابن سيرين وغيرهما : إن كل نفس مكلفة فعليها حافظ يحصي أعمالها ويعدها للجزاء عليها، وبهذا الوجه تدخل الآية في الوعيد الزاجر، وقال الفراء، المعنى :﴿ عليها حافظ ﴾ يحفظها حتى يسلمها إلى القدر، وهذا قول فاسد المعنى لأن مدة الحفظ إنما هي بقدر،


الصفحة التالية
Icon