الأول : ما قال القفال وهو : أن المعنى أن ما أخبرتكم به من قدرتي على إحيائكم في اليوم الذي تبلى فيه سرائركم قول فصل وحق.
والثاني : أنه عائد إلى القرآن أي القرآن فاصل بين الحق والباطل كما قيل : له فرقان، والأول أولى لأن عود الضمير إلى المذكور السالف أولى.
المسألة الثانية :
﴿قَوْلَ فَصْلٌ﴾ أي حكم ينفصل به الحق عن الباطل، ومنه فصل الخصومات وهو قطعها بالحكم، ويقال : هذا فصل أي قاطع للمراء والنزاع، وقال بعض المفسرين : معناه أنه جد حق لقوله :﴿وَمَا هوَ بالهزل﴾ أي باللعب، والمعنى أن القرآن أنزل بالجد، ولم ينزل باللعب، ثم قال :﴿وَمَا هوَ بالهزل﴾ والمعنى أن البيان الفصل قد يذكر على سبيل الجد والاهتمام بشأنه وقد يكون على غير سبيل الجد وهذا الموضع من ذلك، ثم قال :﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً﴾ وذلك الكيد على وجوه.
منها بإلقاء الشبهات كقولهم :﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا﴾ [ الأنعام : ٢٩ ] ﴿مَن يُحىِ العظام وَهِىَ رَمِيمٌ﴾ [ ياس : ٧٨ ] ﴿أَجَعَلَ الآلهة إلها واحدا﴾ [ ص : ٥ ] ﴿لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ﴾ [ الزخرف : ٣١ ] ﴿فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ [ الفرقان : ٥ ] ومنها بالطعن فيه بكونه ساحراً وشاعراً ومجنوناً، ومنها بقصد قتله على ما قاله :﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الذين كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ﴾ [ الأنفال : ٣٠ ] ثم قال :﴿وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾.
واعلم أن الكيد في حق الله تعالى محمول على وجوه : أحدها : دفعه تعالى كيد الكفرة عن محمد عليه الصلاة والسلام ويقابل ذلك الكيد بنصرته وإعلاء دينه تسمية لأحد المتقابلين باسم كقوله تعالى :﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وقال الشاعر :
ألا لا يجهلن أحد علينا.. فنجهل فوق جهل الجاهلينا