قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله :"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ" نزهه عما يقول الملحدون مما لا يليق بذاته وهو المستحق للتقديس "الْأَعْلَى ١" علوا يليق بذاته لا علو مكان تعالى اللّه عنه الموصوف بالعلو أي القهر والاقتدار "الَّذِي خَلَقَ" كل شيء وأوجده من لا شيء "فَسَوَّى ٢" ما خلقه بما يناسبه إذ جعل كل خلقه مستويا معتدلا لا تفاوت فيه محكما منسقا سبحانه فقد أحسن كل شيء خلقه لأن ما يصدر عن الحكيم لا يكون الا كذلك "وَالَّذِي قَدَّرَ" أرزاق مخلوقاته تقديرا حكيما لكل بحسبه "فَهَدى ٣" كلا منها لطريق اكتسابه ويسّر كلا لما خلق له وسهل له سلوكه فجعل كلا يتناول ما قسم له بوسائل مختلفة والهدف واحد "وَالَّذِي أَخْرَجَ" في الأرض انواع النبات وأظهر منها "الْمَرْعى ٤" للحيوان وصيره أنواعا وأصنافا يناسب كلا منها فلم يترك صغيرا ولا كبيرا إلا وخلق له ما يرعاه وينفعه "فَجَعَلَهُ" أي ذلك المرعى بعد أن كان أخضر وأصفر وأحمر وما بينهما في الألوان العجيبة والأشكال الغريبة البديعة "غُثاءً" هو ما يرى فوق السيل وما يقذفه على جانبي الوادي من هشيم الحشيش وغيره "أَحْوى ٥" مائلا إلى السواد يابسا وقد يتحجر بكر الأيام ولا يبعد ما يقوله الأثريون بأن الفحم الحجري أصله نبات والحوادث تدل عليه وهو في معجزات القرآن العظيم إذ لا يوجد في نزوله على وجه الأرض من يعرف هذا غير منزله جل وعلا الا فليعتبر المعتبرون "سَنُقْرِئُكَ" يا محمد من معلومات غيبنا ومكنونات علمنا مما لا يعلمه أحد "فَلا تَنْسى ٦"
ما نقرئك أبدا، ونظير هذه الآية الآية ١٦ فما بعدها من سورة القيمة الآتية كان صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي لم يكد يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم بها رسول اللّه مخافة نسيانها فأنزل اللّه عليه هذه الآية فأمن نسيان شيء من بعدها.
وهي بشارة له من ربه منّ عليه بها بحفظ وحيه وأن لا يفلت منه شيء.