من غيره كثير الإثم المنهمك في المعاصي "الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ١٢" نزلت في الوليد بن المغيرة أو في عتبة بن ربيعة واضرابهما ممن ينكرون البعث المتوغلين في عداوة الرسول، ولذلك وصف المراد منهم بها بالأعظم شقاوة بوصف النار التي يؤول أمره إليها بالأكبر عذابا وهي نار الآخرة لأن نار الدنيا جزء من سبعين جزءا منها، فكل من تباعد عن الذكرى في الدنيا يقربه اللّه في الآخرة لنارها "ثُمَّ" يكون حاله فيها كما ذكره اللّه تعالى "لا يَمُوتُ فِيها" فيستريح من عذابها لأن دار الآخرة خلود بلا موت "وَلا يَحْيى ١٣" حياة طيبة بل تعسة مشوبة بأنواع العذاب.
مطلب المراد بالصلاة والزكاة ومما تأخر حكمه عن نزوله :
"قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ١٤" تطهر من الشرك ونظف ثوبه وبدنه ومكانه "وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ" وحده ولم يشرك معه غيره "فَصَلَّى ١٥" له مطلق صلاة ولو دعاء لأن الصلاة في اللغة الدعاء قال أكثر المفسرين إن المراد بالزكاة هنا زكاة الفطر وبالصلاة صلاة العيد.
وعليه فيكون المعنى قد أفلح من زكى عمله وصيامه بزكاة الفطر وخرج يكبر إلى مصلّى العيد فصلّى صلاته أو الصلاة المفروضة عليه وقال هذا الزركشي في البرهان ورواه عن ابن عمر، ولكنه لا يصح إلا أن يقال بأن هذه الآية مما تأخر حكمه عن نزوله أي مما تقدم القول فيها على الحكم لأنها مكية وليس بمكة صلاة عيد ولا زكاة فطر لوجوبها في المدينة ولأن الصلاة المفروضة وان كانت فرضت بمكة إلا أنها لم تفرض بعد، وعليه فتكون من قبيل الإخبار


الصفحة التالية
Icon