فصل فى التفسير الموضوعى للسورة كاملة


قال الشيخ محمد الغزالى :
سورة الأعلى
" سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى". علو المكانة أشرف من علو المكان. وعندما نصف ربنا ـ تبارك اسمه ـ بالعلو فإنما نعنى رفعة القدر وسمو الذات، ولسنا نعنى حماقة فرعون عندما قال " فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى.." ولا حماقة رائد الفضاء الروسى عندما قال إنه بحث فى الفضاء فلم يجد الله!! إن كل مسلم يسجد لله مرارا، ويقول فى سجوده سبحان ربى الأعلى.. مؤكدا قوله " سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا". ولاشك أن الرحمن على العرش استوى، وأن العرش يسع العوالم كلها، ولكن شئون الزمان والمكان وخواص المادة شأن آخر غير ما ينبغى لله العلى الكبير! قد تقول لرجل هل عرفت فلانا؟ فيقول لك التقيت به فراعنى كبر عقله وشرف نفسه! ونحن البشر نعرف أن الله عالى القدر، ولو أن ومضة برق كشفت لنا طرفا من علوه لطاشت الألباب. إننا نتيه فى أسرار الذرة، فما عسانا نفعل فى عالم تغيب عنا أبعاده وآماده؟! إن مبدعه من الصفر باهر العظمة " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك... ". وقد خلق فسوى، أحسن كل شئ خلقه، ورسم له نظاما لا يعدوه. قالوا إن مقدار الماء فى الأرض لا يزيد ولا ينقص. الإنسان والحيوان والنبات وشتى الأحياء تستهلك منه الكثير، ولكن هذا الكثير يعود مرة أخرى إلى البحار مطرا يهمى بعد ما خرج منه بخارا مثارا!! لا يزيد ولا ينقص، " والذي أخرج المرعى * فجعله غثاء أحوى ". حالت نضرته سوادا، ثم يعود مرة أخرى ما بقت الدنيا زرعا فهشيما، حتى يقدر له الفناء الأخير. " سنقرئك فلا تنسى ". اطمئن يا محمد فإن الذى اختارك سيعينك حتى تؤدى


الصفحة التالية
Icon