من الناس من تمسك بهذه الآية في أن الاسم نفس المسمى، فأقول : إن الخوض في الاستدلال لا يمكن إلا بعد تلخيص محل النزاع، فلا بد ههنا من بيان أن الاسم ما هو والمسمى ما هو حتى يمكننا أن نخوض في الاسم هل هو نفس المسمى أم لا، فنقول : وإن كان المراد من الاسم هو هذا اللفظ، وبالمسمى تلك الذات، فالعاقل لا يمكنه أن يقول : الاسم هو المسمى، وإن كان المراد، من الاسم هو تلك الذات، وبالمسمى أيضاً تلك الذات كان قولنا الاسم نفس المسمى، هو أن تلك الذات نفس تلك الذات، وهذا لا يمكن أن ينازع فيه عاقل، فعلمنا أن هذه المسألة في وصفها ركيكة.
وإن كان كذلك كان الخوض في ذكر الاستدلال عليه أرك وأبعد بل ههنا دقيقة، وهي أن قولنا : اسم لفظة جعلناها اسماً لكل ما دل على معنى غير مقترن بزمان، والاسم كذلك فيلزم أن يكون الاسم إسماً لنفسه فههنا الاسم نفس المسمى فلعل العلماء الأولين ذكروا ذلك فاشتبه الأمر على المتأخرين، وظنوا أن الاسم في جميع المواضع نفس المسمى، هذا حاصل التحقيق في هذه المسألة، ولنرجع إلى الكلام المألوف، قالوا : الذي يدل على أن الاسم نفس المسمى أن أحداً لا يقول سبحان اسم الله وسبحان اسم ربنا فمعنى ﴿سَبِّحِ اسم رَبّكَ﴾ سبح ربك، والرب أيضاً اسم فلو كان غير المسمى لم يجز أن يقع التسبيح عليه، واعلم أن هذا الاستدلال ضعيف لما بينا في المسألة الأولى أنه يمكن أن يكون الأمر وارداً بتسبيح الاسم، ويمكن أن يكون المراد تسبيح المسمى وذكر الاسم صلة فيه.
ويمكن أن يكون المراد سبح باسم ربك كما يقال :﴿فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم﴾ [ الواقعة : ٧٤ ] ويكون المعنى سبح ربك بذكر أسمائه.
المسألة الثالثة :
روى عن عقبة بن عامر أنه لما نزل قوله تعالى :﴿فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم﴾ قال لنا رسول الله ﷺ :