وقال ابن جزى :
سورة الغاشية
﴿ هَلْ أَتَاكَ ﴾
توقيف يراد به التنبيه والتفخيم للأمر، قيل : هل بمعنى قد وهذا ضعيف ﴿ الغاشية ﴾ هي القيامة لأنها تغشى جميع الخلق، وقيل : هي النار من قوله :﴿ وتغشى وُجُوهَهُمُ النار ﴾ [ إبراهيم : ٥٠ ] وهذا ضعيف لأنه ذكر بعد ذلك قسمين : أهل الشقاوة وأهل السعادة ﴿ خَاشِعَةٌ ﴾ أي ذليلة ﴿ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ هو من النصب بمعنى التعب، وفي المراد بهم ثلاثة أقوال : أحدهما أنهم الكفار ويحتمل على هذا يكون عملهم ونصبهم في الدنيا لأنهم كانوا يعملون أعمال السوء ويتعبون فيها، أو يكون في الآخرة فيعملون فيها عملاً يتعبون فيه من جر السلاسل والأغلال وشبه ذلك ويكون زيادة في عذابهم. الثاني : أنها في الرهبان الذين يجتهدون في العبادة ولا تقبل منهم، لأنهم على غير الإسلام وبهذا تأولها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبكى رحمة لراهب نصراني رآه مجتهداً. فعاملة ناصبة على هذا في الدنيا، وناصبة إشارة إلى أجتهادهم في العمل، أو إلى أنه لا ينفعهم فليس لهم منه إلا النصب. الثالث أنها في القدرية. وقد روي أن رسول الله ﷺ ذكر القدرية فبكى وقال : إن فيهم المجتهد.


الصفحة التالية
Icon