وقال القاسمى :
سورة الغاشية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾أي : خبرها وقصتها، وهي القيامة.
وأصل الغاشية الداهية التي تغشى الناس بشدائدها. والاستفهام للتعظيم والتعجب مما في حيزه، مع تقريره.
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴾ أي : ذليلة. وهي وجوه أهل الكفر بالحق والجحود له. والمراد بالوجوه الذوات.
﴿ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ قال القاشاني : أي : تعمل دائباً أعمالاً صعبة تتعب فيها، كالهوي في دركات النار، والارتقاء في عقباتها، وحمل مشاق الصور والهيئات المتعبة المثقلة من آثار أعمالها. أو عاملة من استعمال الزبانية إياها في أعمال شاقة فادحة من جنس أعمالها التي ضريت بها في الدنيا، وأتعابها فيها من غير منفعة لهم منها إلا التعب والعذاب. وجوز أن يكون ﴿ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ إشارة إلى عملهم في الدنيا، أي : عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة. فيكون بمنزلة حابطة أعمالها. أو جعلت أعمالها هباءً منثوراً كما يدل عليه آيات أخر، ويؤيده مقابلة هذه الآية، لقوله في أهل الجنة ﴿ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ وذلك السعي هو الذي كان في الدنيا. والله أعلم
﴿ تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً ﴾ أي : تدخل ناراً متناهية في الحرارة. قال القاشاني : أي : مؤذية مؤلمة بحسب ما تزاولها في الدنيا من الأعمال.
﴿ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ﴾ أي : بلغت غايتها في شدة الحر.
﴿ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ ﴾ وهو من جنس الشوك، ترعاه الإبل ما دام رطباً، فإذا يبس تحامته، وهو سم قاتل. قال ابن جرير : الضريع عند العرب نبت يقال له : الشبرَق، وتسميه أهل الحجاز الضريع، إذا يبس. ولا منافاة بين هذه الآية وآية :