إن هذه المشاهد لتوحي إلى القلب شيئا. بمجرد النظر الواعي والتأمل الصاحي. وهذا القدر يكفي لاستجاشة الوجدان واستحياء القلب. وتحرك الروح نحو الخالق المبدع لهذه الخلائق.
ونقف وقفة قصيرة أمام جمال التناسق التصويري لمجموعة المشهد الكوني لنرى كيف يخاطب القرآن الوجدان الديني بلغة الجمال الفني، وكيف يعتنقان في حس المؤمن الشاعر بجمال الوجود..
إن المشهد الكلي يضم مشهد السماء المرفوعة والأرض المبسوطة. وفي هذا المدى المتطاول تبرز الجبال "منصوبة " السنان لا راسية ولا ملقاة، وتبرز الجمال منصوبة السنام.. خطان أفقيان وخطان رأسيان في المشهد الهائل في المساحة الشاسعة. ولكنها لوحة متناسقة الأبعاد والاتجاهات ! على طريقة القرآن في عرض المشاهد، وفي التعبير بالتصوير على وجه الإجمال.
الدرس الثالث: ٢١ - ٢٦ واجب الرسول التذكير وتهديد الكفار بالعذاب
والآن بعد الجولة الأولى في عالم الآخرة، والجولة الثانية في مشاهد الكون المعروضة، يلتفت إلى الرسول ( ﷺ ) يوجهه إلى حدود واجبه وطبيعة وظيفته، ويلمس قلوبهم اللمسة الأخيرة الموقظة:
فذكر إنما أنت مذكر. لست عليهم بمسيطر. إلا من تولى وكفر. فيعذبه الله العذاب الأكبر. إن إلينا إيابهم. ثم إن علينا حسابهم..
فذكر بها وذاك. ذكرهم بالآخرة وما فيها. وذكرهم بالكون وما فيه. إنما أنت مذكر. هذه وظيفتك على وجه التحديد. وهذا دورك في هذه الدعوة، ليس لك ولا عليك شيء وراءه. عليك أن تذكر. فإنك ميسر لهذا ومكلف إياه.
(لست عليهم بمسيطر).. فأنت لا تملك من أمر قلوبهم شيئا. حتى تقهرها وتقسرها على الإيمان. فالقلوب بين أصابع الرحمن، لا يقدر عليها إنسان.


الصفحة التالية
Icon