ومنها : التصريح بعد ذلك، بأن من كانت تلك صفاتهم تصلى ناراً حامية، مما يدل على أن الغاشية شيء آخر سوى النار الحامية.
ومنها : أن التعميم ليوم يشمل جميع الخلائق، وهو الأنسب بالموقف، ثم ينجي الله الذين اتقوا.
وقد بين الله تعالى قسيم هذا الصنف، منا يدل على أن الحديث المراد إلغاؤه، إنما هو عن حالة عموم الموقف.
قوله تعالى :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تصلى نَاراً حَامِيَةً ﴾ الآيات.
اتفقوا على أن يومئذٍ، يعنى يوم القيامة.
وقال ابن حيان : والتنوين فيه تنوين فيه تنوين عوض. وهو تنوين عوض عن جملة، ولم تتقدم جملة تصلح أن يكون التوين عوضاً عنها، ولكن لما تقدم لفظ الغاشية.
وأل موصولة باسم الفاعل، فتنحل للتي غشيت أي الداهية التي غشيت، فالتنوين عوض من هذه الجملة التي انحل لفظ الغاشية إليها، وإلى الموصول الذي هو التي، وهذا مما يرجح ويؤيد ما قد قدمناه، من أن الغاشية هي القيامة. وجوه يومئذٍ خاشعة، بمعنى ذليلة.
قال أبو السعود : وهذا وما بعده وقع جواباً عن سؤال، نشا من الاستفهام التشويقي المتقدم، كأنه قيل من جانبه صلى الله عليه وسلم
" ما أتاني حديثها، فأخبره الله تعالى. فقال : وجوه " إلخ.
قال : ولا بأس بتنكيرها لأنها في موقع التنويع، اي سوغ الابتداء بالنكرة كونها في موقع التنويع : وجوه كذا، ووجوه كذا.
وخاشعة : خبر المبتدأ، أي وما بعده من صفاتهم.
وقوله :﴿ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾ العمل معروف، والنصب : التعب، وقد اختلف في زمن العمل والنصب هذين، هل هو كان منها في الدنيا، منهم من قال : عمل ونصب في العبادات الفاسدة كعمل الرهبان والقسيسين والمبتدعة الضالين، فلم ينفعهم يوم القيامة، أي كما في قوله :﴿ وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ [ الفرقان : ٢٣ ].