وروي عن الحسن قال : لما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام أتاه راهب شيخ كبير مُتَقَهِّل، عليه سواد، فلما رآه عمر بكى.
فقال له : يا أمير المؤمنين، ما يبكيك؟ قال : هذا المسكين طلب أمراً فلم يصبه، ورجا رجاء فأخطأه، وقرأ قول الله عز وجل ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ﴾.
قال الكسائيّ : التقهل : رثاثة الهيئة، ورجل مُتَقَهِّل : يابس الجلد سَيِّيءُ الحال، مثل المتقحل.
وقال أبو عمرو : التقهل : شكوى الحاجة.
وأنشد :
لَعْواً إِذا لاقيته تقهْلاَ...
والقَهْل : كفران الإحسان.
وقد قَهَلَ يَقْهَلُ قَهْلاً : إذا أثنى ثناء قبيحاً.
وأقهل الرجل تكلف ما يعيبه ودنس نفسه.
وانقهل ضعف وسقط ؛ قاله الجوهري.
وعن عليّ رضي الله عنه أنهم أهل حَرُورَاءَ ؛ يعني " الخوارج الذين ذكرهم رسول الله ﷺ فقال :"تَحقِرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يَمرُقون من الدين كما يَمرُق السهمُ من الرَّمِيَّة...
" " الحديث.
تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (٤)
أي يصيبها صِلاؤها وحرّها.
﴿ حَامِيَةً ﴾ شديدة الحرّ ؛ أي قد أُوقدت وأُحْميت المدة الطويلة.
ومنه حَمِي النهار ( بالكسر )، وحمِي التنور حَمْياً فيهما ؛ أي اشتدّ حرّه.
وحكى الكِسائيّ : اشتدّ حَمْيُ الشمس وحَمْوِها : بمعنى.
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب "تُصْلَى" بضم التاء.
الباقون بفتحها.
وقرىء "تُصَلَّى" بالتشديد.
وقد تقدم القول فيها في ﴿ إِذَا السمآء انشقت ﴾ [ الإنشقاق : ١ ].
الماورديّ : فإن قيل فما معنى وصفها بالحَمْى، وهي لا تكون إلا حامية، وهو أقل أحوالها، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة؟ قيل : قد اختلف في المراد بالحامية هاهنا على أربعة أوجه : أحدها : أن المراد بذلك أنها دائمة الحَمْى، ليست كنار الدنيا التي ينقطع حَمْيها بانطفائها.