فصل
قال الفخر :
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) ﴾
اعلم أنه سبحانه لما ذكر وعيد الكفار، أتبعه بشرح أحوال المؤمنين، فذكر وصف أهل الثواب أولاً، ثم وصف دار الثواب ثانياً أما وصف أهل الثواب فبأمرين أحدهما : في ظاهرهم، وهو قوله :﴿نَّاعِمَةٌ﴾ أي ذات بهجة وحسن، كقوله :﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم﴾ [ المطففين : ٢٤ ] أو متنعمة.
والثاني : في باطنهم وهو قوله تعالى :
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩)
وفيه تأويلان أحدهما : أنهم حمدوا سعيهم واجتهادهم في العمل لله.
لما فازوا بسببه من العاقبة الحميدة كالرجل يعمل العمل فيجزى عليه بالجميل، ويظهر له منه عاقبة محمودة فيقول، ما أحسن ما عملت، ولقد وفقت للصواب فيما صنعت فيثنى على عمل نفسه ويرضاه والثاني : المراد لثواب سعيها في الدنيا راضية إذا شاهدوا ذلك الثواب، وهذا أولى إذ المراد أن الذي يشاهدونه من الثواب العظيم يبلغ حد الرضا حتى لا يريدوا أكثر منه، وأما وصف دار الثواب، فاعلم أن الله تعالى وصفها بأمور سبعة : أحدها قوله :
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠)
ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في المكان، ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في الدرجة والشرف والمنقبة، أما العلو في المكان فذاك لأن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض، قال عطاء : الدرجة مثل ما بين السماء والأرض.
وثانيها : قوله :
لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :