وهذه الآية عامة لتصدرها بلفظ الإنسان فتشمل كل فرد وما قيل انها نزلت في امية بن خلف الحمجي خاصة فعلى فرض صحته لا ينفي عمومها لان العبرة دائما لعموم اللفظ لا لخصوص المعنى أو السبب، لذلك ردّ اللّه تعالى على من ظن ان سعة الرزق إكرام وضيقه اهانة بقوله "كلّا" اي ليس الأمر كذلك فلا يظن به إذ ليس كل من اعنيته لكرامته ولا كل من أفقرته لاهانته لان الغنى والفقر بحكمتي وتقديري وإنما أكرم المؤمن بطاعته لي وأهين الكافر بمعصيته واني أنعم على عبدي لا ختبره أيشكر نعمتي أم يكفر وأضيق عليه لأمتحنه أيصبر أم يفجر.
وليعلم الناس ذلك راجع تفسير الآية ٢٦ من سورة الأنبياء في ج ٢، ولئلا يقولوا كما قال قارون (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) الآية ٧٦ من سورة القصص الآتية مع أنه أوتيه من غير استحقاق
ابتلاء "بل" هناك ما هو أشر وهو أنكم "لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ١٧" فلا تبرّونه ولا تراعون حقه مما أنعم اللّه عليكم به "وَلا تَحَاضُّونَ" بحث بعضكم بعضا "عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ١٨" من فضلكم بل تهملونه ولا تنظرون في أمره "وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ" الميراث "أَكْلًا لَمًّا ١٩" لا تعطون منه أحدا، واللّهم الجمع بين الحلال والحرام وعليه قول النابغة :
ولست بمستبق أخا لا تلمّه على شعث أي الرجال المهذب
وذلك انهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون نصيبهم فذمهم اللّه لشدة حرصهم على جمعه جمعا شديدا من غير نظر إلى حل وحرمة "وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠" كثيرا جدا قال امية :
ان تغفر اللهم فاغفر جمّا وأي عبد لك لا ألما
لأنهم كانوا ولعين به مع الحرص عليه والبخل به ومنع الحقوق منه


الصفحة التالية
Icon