"كلّا" ردع وزجر لمن هذه حاله اي لا ينبغي ان يتكالبوا على ذلك، ولا ان يشغفوا به، بل كان عليهم ان يعملوا بما أمر اللّه قبل ان يأتيهم يوم يتلهفون على ما أسلفوا ويتندّمون على ما فرطوا من حيث لا ينفعهم الندم "إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ" زلزلت بما فيها من بناء وجبال وبحار وغيرها "دَكًّا دَكًّا ٢١" مرة بعد اخرى حتى لا يبقى فيها ولاء عليها شيء "وَجاءَ رَبُّكَ" جلت عظمته وهذا تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبيين لآثار قهره وسلطانه لأن الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من امارات الهيبة وعلامات العزة وإشارات العظمة ما لا يحضر بحضور غيره من خواصه.
مطلب آيات الصفات والقول فيها :
وهذة من آيات الصفات التي سكت عن تفسيرها السلف الصالح وبعض الخلف وأجروها على حالها كما جاءت من غير تأويل ولا تشبيه ولا تكييف، والتزموا
فيها الإيمان بظاهرها، وتأولها المتكلمون وبعض المتأخرين فقالوا جاء أمره او قضاؤه او دلائل آياته وجعلوا مجيئها مجيئا له تفخيما وإجلالا لأن الحركة والسكون محال عليه جل شأنه ولكل وجهة، واجراؤها على ما هي عليه أولى "وَالْمَلَكُ" أل فيه للجنس فيشمل جميع ملائكة السماء أما ملائكة الأرض فأنهم يقفون في ذلك الموقف لاداء التحية والتكريم قياما بأبّهات الكبرياء والتعظيم "صَفًّا صَفًّا ٢٢" أي تقف ملائكة كل سماء صفا على حده فيحدقون بالجن والإنس ويحيطون بهم "وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ" في ذلك اليوم المهيب الذي تأتي فيه ملائكة اللّه وهو يوم القيامة "بِجَهَنَّمَ" نفسها وينادى من قبل اللّه هذه التي أعدت للكافرين، كما تبرز الجنة وينادى هذه المعدة للمتقين.
اخرج مسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال رسول اللّه : يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون الف زمام مع كل زمام سبعون الف ملك يجرونها.
وفي رواية : تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير.