اضطرب المفسرون في تفسير الشفع والوتر، وأكثروا فيه، ونحن نرى ما هو الأقرب أحدها : أن الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة، وإنما أقسم الله بهما لشرفهما أما يوم عرفة فهو الذي عليه يدور أمر الحج كما في الحديث " الحج عرفة " وأما يوم النحر فيقع فيه القربان وأكثر أمور الحج من الطواف المفروض، والحلق والرمي، ويروى " يوم النحر هو يوم الحج الأكبر " فلما اختص هذان اليومان بهذه الفضائل لا جرم أقسم الله بهما وثانيها : أن أيام التشريق أيام بقية أعمال الحج فهي أيام شريفة، قال الله تعالى :﴿واذكروا الله فِى أَيَّامٍ معدودات فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [ البقرة : ٢٠٣ ] والشفع هو يومان بعد يوم النحر، الوتر هو اليوم الثالث، ومن ذهب إلى هذا القول قال : حمل الشفع والوتر على هذا أولى من حملهما على العيد وعرفة من وجهين الأول : أن العيد وعرفة دخلا في العشر، فوجب أن يكون المراد بالشفع والوتر غيرهما الثاني : أن بعض أعمال الحج إنما يحصل في هذه الأيام، فحمل اللفظ على هذا يفيد القسم بجميع أيام أعمال المناسك وثالثها : الوتر آدم شفع بزوجته، وفي رواية أخرى الشفع آدم وحواء والوتر هو الله تعالى ورابعها : الوتر ما كان وتراً من الصلوات كالمغرب والشفع ما كان شفعاً منها، روى عمران بن الحصين عن النبي ﷺ أنه قال :" هي الصلوات منها شفع ومنها وتر " وإنما أقسم الله بها لأن الصلاة تالية للإيمان، ولا يخفى قدرها ومحلها من العبادات وخامسها : الشفع هو الخلق كله لقوله تعالى :﴿وَمِن كُلّ شَىْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [ الذاريات : ٤٩ ] وقوله :﴿وخلقناكم أزواجا﴾ [ النبأ : ٨ ] والوتر هو الله تعالى، وقال بعض المتكلمين : لا يصح أن يقال الوتر هو الله لوجوه الأول : أنا بينا أن قوله :﴿والشفع والوتر﴾ تقديره ورب الشفع والوتر، فيجب أن يراد بالوتر المربوب فبطل ما قالوه الثاني : أن


الصفحة التالية
Icon