وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ والفجر ﴾
أقسم بالفجر.
﴿ وَلَيالٍ عَشْرٍ * والشفع والوتر * والليل إِذَا يَسْرِ ﴾ أقسام خمسة.
واختُلِف في "الفجر"، فقال قوم : الفجر هنا : انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم ؛ قاله عليّ وابن الزُّبير وابن عباس رضي الله عنهم.
وعن ابن عباس أيضاً أنه النهار كله، وعَبَّر عنه بالفجر لأنه أوّله.
وقال ابن مُحَيْصِن عن عطية عن ابن عباس : يعني فجر يوم المحرم.
ومثله قال قتادة.
قال : هو فجر أوّل يوم من المحرم، منه تنفجر السنة.
وعنه أيضاً : صلاة الصبح.
وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال :"والفجر" : يريد صبيحة يوم النحر ؛ لأن الله تعالى جل ثناؤه جعل لكل يوم ليلة قبله، إلا يوم النحر لم يجعل له ليلة قبله ولا ليلة بعده ؛ لأن يوم عرفة له ليلتان : ليلة قبله وليلة بعده، فمن أدرك الموقف ليلة بعد عرفة، فقد أدرك الحج إلى طلوع الفجر، فجر يوم النحر.
وهذا قول مجاهد.
وقال عكرمة :"والفجر" قال : انشقاق الفجر من يوم جَمْع.
وعن محمد بن كعب القُرَظيّ :"والفجرِ" آخر آيام العشر، إذا دفَعْتَ من جَمْع.
وقال الضحاك : فجر ذي الحجة، لأن الله تعالى قرن الأيام به فقال :﴿ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾ أي ليال عشر من ذي الحجة.
وكذا قال مجاهد والسدّيّ والكلبيّ في قوله :"وليالٍ عشْرٍ" هو عشر ذي الحِجة، وقال ابن عباس.
وقال مسروق هي العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام ﴿ وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ﴾ [ الأعراف : ١٤٢ ]، وهي أفضل أيام السنة.
وروى أبو الزبير عن جابر : أن رسول الله ﷺ قال :" ﴿ والفجر * وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾ قال : عشر الأضحى " فهي ليال عشر على هذا القول ؛ لأن ليلة يوم النحر داخلة فيه، إذ قد خصها الله بأن جعلها موقفاً لمن لم يدرك الوقوف يوم عرفة.