لَقَدْ لُمْتِنا يا أمَّ غَيلان في السُّرَى...
ونِمتِ وما ليلُ المطِيِّ بنائِم
ومنه قوله تعالى :﴿ بَلْ مَكْرُ الليل والنهار ﴾ [ سبأ : ٣٣ ].
وهذا قول أكثر أهل المعاني، وهو قول القُتَبِيّ والأخفش.
وقال أكثر المفسرين : معنى "يَسْرِي" : سار فذهب.
وقال قتادة وأبو العالية : جاء وأقبل.
ورُوِي عن إبراهيم :"والليلِ إِذا يَسْرِ" قال : إذا استوى.
وقال عكرمة والكلبيّ ومجاهد ومحمد بن كعب في قوله :﴿ والليل ﴾ : هي ليلة المزدلِفة خاصة ؛ لاختصاصها باجتماع الناس فيها لطاعة الله.
وقيل : ليلة القَدْر ؛ لِسراية الرحمة فيها، واختصاصها بزيادة الثواب فيها.
وقيل : إنه أراد عموم الليل كله.
قلت : وهو الأظهر، كما تقدّم.
والله أعلم.
وقرأ ابن كثِير وابن مُحيصِن ويعقوب "يسرِي" بإثبات الياء في الحالين، على الأصل ؛ لأنها ليست بمجزومة، فثبتت فيها الياء.
وقرأ نافع وأبو عمرو بإثباتها في الوصل، وبحذفها في الوقف، وروي عن الكسائي.
قال أبو عبيد : كان الكسائي يقول مرة بإثبات الياء في الوصل، وبحذفها في الوقف، اتباعاً للمصحف.
ثم رجع إلى حذف الياء في الحالين جميعاً ؛ لأنه رأس آية، وهي قراءة أهل الشام والكوفة واختيار أبي عُبيد، اتباعاً للخط ؛ لأنها وقعت في المصحف بغير ياء.
قال الخليل : تسقط الياء منها اتفاقاً لرؤوس الآي.
قال الفرّاء : قد تحذف العرب الياء، وتكتفي بكسر ما قبلها.
وأنشد بعضهم :
كَفَّاكَ كَفٌّ ما تُلِيقُ دِرهَماً...
جُودا وأخرى تعطِ بالسَّيف الدّما
يقال : فلان ما يُلِيق درهماً من جوده ؛ أي ما يمسكه، ولا يلصق به.


الصفحة التالية
Icon