﴿ والليل إِذَا يَسْرِ ﴾ أيْ يَمْضِي كقولِه تعالى :﴿ واليل إِذْ أَدْبَرَ ﴾ ﴿ واليل إِذَا عَسْعَسَ ﴾ والتقييدُ لما فيهِ من وضوحِ الدلالةِ على كمالِ القدرةِ ووفورِ النعمةِ أو يُسرِيَ فيهِ من قولِهم : صَلَّى المقامُ أي صُلِّيَ فيهِ وحَذْفُ الياءِ اكتفاءً بالكسرِ. وقُرِىءَ بإثباتِها على الإطلاقِ وبحذفِها في الوقفِ خاصَّة وقُرِىءَ يسرٍ بالتنوينِ كما قُرِىءَ والفجرٍ، والوترٍ وهو التنوينُ الذي يقعُ بدلاً من حرفِ الإطلاقِ ﴿ هَلْ فِى ذَلِكَ قَسَمٌ ﴾ الخ تحقيقٌ وتقريرٌ لفخامةِ شأنِ المُقْسَمِ بهَا وكونِها أموراً جليلةً حقيقةً بالإعظامِ والإجلالِ عندَ أربابِ العقولِ وتنبيهٌ على أنَّ الإقسامَ بها أمرٌ معتدٌّ به خليقٌ بأنّ يُؤكدَ بهِ الأخبارُ على طريقةِ قولِه تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ وذلكَ إشارةٌ إمَّا إلى الأمورِ المقسمِ بهَا والتذكيرُ بتأويلِ ما ذُكِرَ كما مَرَّ تحقيقُه أو إلى الإقسامِ بهَا وأياً ما كانَ فمَا فيه من مَعْنى البُعْدِ للإيذان بعلوِّ رتبةِ المُشَارِ إليهِ وبُعْدِ منزلتِه في الشرفِ والفضلِ أيْ هِلْ فيما ذُكِرَ من الأشياءِ قسمٌ أيْ مقسمٌ بهِ ﴿ لّذِى حِجْرٍ ﴾ يراهُ حقيقاً بأنْ يقسمَ بهِ إجلالاً وتعظيماً والمرادُ تحقيقُ أنَّ الكلَّ كذلكَ وإنما أُوثرتْ هذه الطريقةُ هَضْماً للخلقِ وإيذاناً بظهورِ الأمرِ أو هَلْ في إقسامِي بتلكَ الأشياءِ إقسامٌ لذي حجرٍ مقبولٌ عندَهُ يعتدُّ بهِ ويفعلُ مثلَهُ ويؤكدُ بهِ المقسمَ عليهِ والحِجْرُ العقلُ لأنه يحجُرُ صاحبَهُ أي يمنعُهُ من التهافتِ فيمَا لا ينبغِي كما سُميَ عقلاً ونُهيةً لأنَّه يعقلُ ويَنْهَى، وحصاةً أيضاً من الإحصاءِ وهو الضبطُ. قال الفراءُ : يقالُ : إنَّه لذُو حجرٍ إذَا كانَ قاهِراً لنفسِه ضابطاً لهَا والمقسمُ عليهِ محذوفٌ وهُو ليُعذَّبَنَّ كما ينبىءُ عنه قولُه تعالَى :{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ


الصفحة التالية
Icon