أبنى كليب إن عمى اللذا.. قتلا الملوك وفككا الأغلال
المسألة الثانية :
فك الرقبة قد يكون بأن يعتق الرجل رقبة من الرق، وقد يكون بأن يعطي مكاتباً ما يصرفه إلى جهة فكاك نفسه، روى البراء بن عازب، قال :" جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال : عتق النسمة وفك الرقبة قال : يا رسول الله أوليسا واحداً ؟ قال : لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة، أن تعين في ثمنها " وفيه وجه آخر وهو أن يكون المراد أن يفك المرء رقبة نفسه بما يتكلفه من العبادة التي يصير بها إلى الجنة فهي الحرية الكبرى، ويتخلص بها من النار.
المسألة الثالثة :
قرىء :﴿فك رقبة * أو إطعام﴾، والتقدير هي فك رقبة أو إطعام وقرىء :( فك رقبة أو أطعم ) على الإبدال من اقتحم العقبة، وقوله :﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا العقبة﴾ اعتراض، قال الفراء : وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية لقوله :﴿ثُمَّ كَانَ﴾ [ البلد : ١٦ ] لأن فك وأطعم فعل، وقوله :﴿كان﴾ فعل، وينبغي أن يكون الذي يعطف عليه الفعل فعلاً، أما لو قيل : ثم إن كان (١) كان ذلك مناسباً لقوله :﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ بالرفع لأنه يكون عطفاً للاسم على الاسم.
المسألة الرابعة :
عند أبي حنيفة العتق أفضل أنواع الصدقات، وعند صاحبية الصدقة أفضل، والآية أدل على قول أبي حنيفة : لتقدم العتق على الصدقة فيها.
أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :
يقال : سغب سغباً إذا جاع فهو ساغب وسغبان، قال صاحب "الكشاف" : المسغبة والمقربة والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع وقرب في النسب، يقال : فلان ذو قرابتي وذو مقربتي وترب إذا افتقر ومعناه التصق بالتراب، وأما أترب فاستغنى، أي صار ذا مال كالتراب في الكثرة.
قال الواحدي : المتربة مصدر من قولهم ترب يترب ترباً ومتربة مثل مسغبة إذا افتقر حتى لصق بالتراب.

(١) أي يكون المعطوف (إن كان) وهي جملة اسمية شرطية.


الصفحة التالية
Icon