المسألة الثانية :
حاصل القول في تفسير :﴿يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ﴾ ما قاله الحسن : وهو نائم يوم محروص فيه على الطعام، قال أبو علي : ومعناه ما يقول النحويون في قولهم : ليل نائم ونهار صائم أي ذو نوم وصوم.
واعلم أن إخراج المال في وقت القحط والضرورة أثقل على النفس وأوجب للأجر، وهو كقوله :﴿وآتى المال على حبه﴾ [ البقرة : ١٧٧ ] وقال :﴿وَيُطْعِمُونَ الطعام على حُبّهِ مِسْكِيناً﴾ [ الإنسان : ٨ ] وقرأ الحسن :( ذا مسغبة ) نصبه بإطعام ومعناه أو إطعام في يوم من الأيام ذا مسغبة.
أما قوله تعالى :
يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥)
قال الزجاج : ذا قرابة تقول زيد ذو قرابتي وذو مقربتي، وزيد قرابتي قبيح لأن القرابة مصدر، قال مقاتل : يعني يتيماً بينه وبينه قرابة، فقد اجتمع فيه حقان يتم وقرابة، فاطعامه أفضل، وقيل : يدخل فيه القرب بالجوار، كما يدخل فيه القرب بالنسب.
أما قوله تعالى :
أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)
أي مسكيناً قد لصق بالتراب من فقره وضره، فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه، روى أن ابن عباس مر بمسكين لاصق بالتراب فقال : هذا الذي قال الله تعالى ( فيه ) :﴿أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ واحتج الشافعي بهذه الآية على أن المسكين قد يكون بحيث يملك شيئاً، لأنه لو كان لفظ المسكين دليلاً على أنه لا يملك شيئاً ألبتة، لكان تقييده بقوله :﴿ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ تكريراً وهو غير جائز. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣١ صـ ١٦٦ ـ ١٦٩﴾