فصل
قال الفخر :
﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) ﴾
قبل الخوض في التفسير لا بد من مسائل :
المسألة الأولى :
المقصود من هذه السورة الترغيب في الطاعات والتحذير من المعاصي.
واعلم أنه تعالى ينبه عباده دائماً بأن يذكر في القسم أنواع مخلوقاته المتضمنة للمنافع العظيمة حتى يتأمل المكلف فيها ويشكر عليها، لأن الذي يقسم الله تعالى به يحصل له وقع في القلب، فتكون الدواعي إلى تأمله أقوى.
المسألة الثانية :
قد عرفت أن جماعة من أهل الأصول قالوا : التقدير ورب الشمس ورب سائر ما ذكره إلى تمام القسم، واحتج قوم على بطلان هذا المذهب، فقالوا : إن في جملة هذا القسم قوله :﴿والسماء وَمَا بناها﴾ [ الشمس : ٥ ] وذلك هو الله تعالى فيلزم أن يكون المراد، ورب السماء وربها وذلك كالمتناقض، أجاب القاضي عنه بأن قوله :﴿وَمَا بناها﴾ لا يجوز أن يكون المراد منه هو الله تعالى، لأن ( ما ) لا تستعمل في خالق السماء إلا على ضرب من المجاز، ولأنه لا يجوز منه تعالى أن يقدم قسمه بغيره على قسمه بنفسه، ولأنه تعالى لا يكاد يذكر مع غيره على هذا الوجه، فإذاً لا بد من التأويل وهو أن ﴿مَا﴾ مع ما بعده في حكم المصدر فيكون التقدير : والسماء وبنائها، اعترض صاحب "الكشاف" عليه فقال : لو كان الأمر على هذا الوجه لزم من عطف قوله :﴿فَأَلْهَمَهَا﴾ [ الشمس : ٨ ] عليه فساد النظم.
المسألة الثالثة :
القراء مختلفون في فواصل هذه السورة وما أشبهها نحو :﴿واليل إِذَا يغشى﴾، ﴿والضحى واليل إِذَا سجى﴾ فقرءوها تارة بالإمالة وتارة بالتفخيم وتارة بعضها بالإمالة وبعضها بالتفخيم، قال الفراء : بكسر ضحاها، والآيات التي بعدها وإن كان أصل بعضها الواو نحو : تلاها، وطحاها ودحاها، فكذلك أيضاً.