ففيه وجهان الأول : أن لنا كل ما في الدنيا والآخرة فليس يضرنا ترككم الاهتداء بهدانا، ولا يزيد في ملكنا اهتداؤكم، بل نفع ذلك وضره عائدان عليكم ولو شئنا لمنعناكم من المعاصي قهراً، إذ لنا الدنيا والآخرة ولكننا لا نمنعكم من هذا الوجه، لأن هذا الوجه يخل بالتكليف، بل نمنعكم بالبيان والتعريف، والوعد والوعيد الثاني : أن لنا ملك الدارين نعطي ما نشاء من نشاء، فيطلب سعادة الدارين منا، والأول أوفق لقول المعتزلة، والثاني أوفق لقولنا.
أما قوله تعالى :
فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (١٤)
تلظى أي تتوقد وتتلهب وتتوهج، يقال : تلظت النار تلظياً، ومنه سميت جهنم لظى، ثم بين أنها لمن هي بقوله :﴿لاَ يصلاها إِلاَّ الأشقى﴾ قال ابن عباس : نزلت في أمية بن خلف وأمثاله الذين كذبوا محمداً والأنبياء قبله، وقيل : إن الأشقى بمعنى الشقي كما يقال : لست فيها بأوحد أي بواحد، فالمعنى لا يدخلها إلا الكافر الذي هو شقي لأنه كذب بآيات الله، وتولى أي أعرض عن طاعة الله.


الصفحة التالية
Icon