الرسول منعماً عليه نعمة يجب جزاؤها، أما أبو بكر فلم يكن للنبي عليه الصلاة والسلام عليه دنيوية، بل أبو بكر كان ينفق على الرسول عليه السلام بل كان للرسول عليه السلام عليه نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين، إلا أن هذا لا يجزى، لقوله تعالى :﴿مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [ الفرقان : ٥٧ ] والمذكور ههنا ليس مطلق النعمة بل نعمة تجزى، فعلمنا أن هذه الآية لا تصلح لعلي بن أبي طالب، وإذا ثبت أن المراد بهذه الآية من كان أفضل الخلق وثبت أن ذلك الأفضل من الأمة، إما أبو بكر أو علي، وثبت أن الآية غير صالحة لعلي، تعين حملها على أبي بكر رضي الله عنه، وثبت دلالة الآية أيضاً على أن أبا بكر أفضل الأمة، وأما الرواية فهي أنه كان بلال ( عبداً ) لعبد الله بن جدعان، فسلح على الأصنام فشكا إليه المشركون فعله، فوهبه لهم، ومائة من الإبل ينحرونها لآلهتهم، فأخذوه وجعلوا يعذبونه في الرمضاء وهو يقول : أحد، أحد، فمر به رسول الله، وقال : ينجيك أحد، أحد.
" ثم أخبر رسول الله أبا بكر أن بلالاً يعذب في الله :" فحمل أبو بكر رطلاً من ذهب فابتاعه به، فقال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت لبلال عنده، فنزل :﴿وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تجزى * إِلاَّ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِ الأعلى﴾ وقال ابن الزبير وهو على المنبر : كان أبو بكر يشتري الضعفة من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه : يا بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك، فقال : منع ظهري أريد.
فنزلت هذه الآية.
المسألة الثانية :
قال صاحب "الكشاف" في محل :﴿يتزكى﴾ وجهان : إن جعلت بدلاً من يؤتي فلا محل له، لأنه داخل في حكم الصلة، والصلات لا محل لها.
وإن جعلته حالاً من الضمير في ﴿يُؤْتِي﴾ فمحله النصب.
إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon