وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ عَلَيْنَا للهدى ﴾
أي إن علينا أن نُبَيِّن طريق الهدى من طريق الضلالة.
فالهدى : بمعنى بيان الأحكام، قاله الزجاج : أي على الله البيان، بيان حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته ؛ قاله قتادة.
وقال الفرّاء : من سلك الهدى فعلى الله سبيله ؛ لقوله :﴿ وعلى الله قَصْدُ السبيل ﴾ [ النحل : ٩ ] يقول : من أراد الله فهو على السبيل القاصد.
وقيل : معناه إن علينا للهدى والإضلال، فترك الإضلال ؛ كقوله :﴿ بِيَدِكَ الخير ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ]، و ﴿ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ ياس : ٨٣ ].
وكما قال :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر ﴾ [ النحل : ٨١ ] وهي تقي البرد ؛ عن الفرّاء أيضاً.
وقيل : أي إن علينا ثواب هداه الذي هديناه.
﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى ﴾ ﴿ لَلآخِرَةَ ﴾ الجنة.
"والأولى" الدنيا.
وكذا روى عطاء عن ابن عباس.
أي الدنيا والآخرة لله تعالى.
وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : ثواب الدنيا والآخرة، وهو كقوله تعالى :﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدنيا فَعِندَ الله ثَوَابُ الدنيا والآخرة ﴾ [ النساء : ١٣٤ ] فمن طلبهما من غير مالكهما فقد أخطأ الطريق.
قوله تعالى :﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ ﴾ أي حذرتكم وخوّفتكم.
﴿ نَاراً تلظى ﴾ أي تَلَهَّب وتتوقد.
وأصله تتلظى.
وهي قراءة عُبيد بن عُمير، ويحيى بن يعمر، وطلحة بن مصرف.
﴿ لاَ يَصْلاَهَآ ﴾ أي لا يجد صَلاَها وهو حرها.
﴿ إِلاَّ الأشقى ﴾ أي الشقي.
﴿ الذي كَذَّبَ ﴾ نبي الله محمداً صلى الله عليه وسلم.
﴿ وتولى ﴾ أي أعرض عن الإيمان.
وروى مكحول عن أبي هريرة قال : كل يدخل الجنة إلا من أباها.
قال : يا أبا هريرة، ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ قال : الذي كَذَّب وتَوَلَّى.


الصفحة التالية
Icon