الزمخشريّ : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل : الأشقى، وجعل مختصاً بالصَّلى، كأن النار لم تخلق إلا له.
وقيل : الأتقى، وجعل مختصاً بالجنة، كأن الجنة لم تخلق إلا له.
وقيل : هما أبو جهل أو أمية بن خلف.
وأبو بكر رضي الله عنه.
قوله تعالى :﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا ﴾ أي يكون بعيداً منها.
﴿ الأتقى ﴾ أي المتقي الخائف.
قال ابن عباس : هو أبو بكر رضي الله عنه، يزحزح عن دخول النار.
ثم وصف الأتقى فقال ﴿ الذى يُؤْتِي مَالَهُ يتزكى ﴾ أي يطلب أن يكون عند الله زاكياً، ولا يطلب بذلك رياء ولا سمعة، بل يتصدق به مبتغياً به وجه الله تعالى.
وقال بعض أهل المعاني : أراد بقوله "الأتقى" و"الأشقى" أي النقيّ والشقيّ ؛ كقول طرفة :
تمنى رجال أن أموت وإن أمت...
فتلك سبيل لست فيها بأوحدِ
أي واحد ووحيد ؛ وتوضع ( أَفْعَل ) موضع فعيل، نحو قولهم : الله أكبر بمعنى كبير، ﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [ الروم : ٢٧ ] بمعنى هين.
قوله تعالى :﴿ وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى ﴾ أي ليس يتصدق ليجازِيَ على نعمة، إنما يبتغي وجه ربه الأعلى، أي المتعالي ﴿ وَلَسَوْفَ يرضى ﴾ أي بالجزاء.
فروى عطاء والضحاك عن ابن عباس قال :" عَذَّب المشركون بلالاً، وبلال يقول أَحَد أَحَد ؛ فمرّ به النبيّ ﷺ فقال :"أحد يعني الله تعالى ينجيك" ثم قال لأبي بكر :"يا أبا بكر إنّ بلالاً يعذب في الله" فعرف أبو بكر الذي يريد رسول الله ﷺ، فانصرف إلى منزله، فأخذ رطلاً من ذهب، ومضى به إلى أمية بن خلف، فقال له : أتبيعني بلالاً؟ قال : نعم، فاشتراه فأعتقه.


الصفحة التالية
Icon