﴿ وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نّعْمَةٍ تجزى ﴾ استئنافٌ مقررٌ لكونِ إيتائِه للتزكِّي خالصاً لوجهِ الله تعالى أي ليسَ لأحدٍ عنده نعمةٌ من شأنِها أنْ تُجزى وتكافأَ فيقصدَ بإيتاءِ ما يُؤتى مجازاتِها وقولُه تعالى :﴿ إِلاَّ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِ الأعلى ﴾ استثناءٌ منقطعٌ من نعمةٍ وقُرِىءَ بالرفعِ على البدلِ من محلِّ نعمةٍ فإنَّه الرفعُ إما على الفاعليةِ أو على الابتداءِ ومِنْ مزيدةٌ ويجوزُ أن يكونَ مفعولاً لهُ لأنَّ المَعْنى لا يُؤتِي مالَه إلا ابتغاءَ وجهِ ربِّه لا لمكافأةِ نعمةٍ والآياتُ نزلتْ في حقِّ أبِي بكرٍ الصديقِ رضيَ الله عنه حينَ اشترَى بلالاً في جماعةٍ كان يؤذيهم المشركونَ فأعتقُهم ولذلكَ قالُوا : المرادُ بالأَشْقى أبُو جهلٍ أو أميةُ بنُ خلفٍ وقد رَوَى عطاءٌ والضحاكُ عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا أنه عذَّبَ المشركونَ بلالاً وبلالٌ يقولُ : أَحَدٌ أَحَدٌ فمرَّ به النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ فقالَ :" أَحَدٌ يعني الله تعالَى ينجيكَ " ثم قالَ لأبي بكرٍ رضي الله عنه :" إنَّ بلالاً يعذبُ في الله " فعرفَ مرادَهُ عليه الصلاةُ والسلامُ فانصرفَ إلى منزلِه فأخذ رطلاً من ذهبٍ ومَضَى به إلى أميةَ بنِ خلفٍ فقالَ له : أتبيعُنِي بلالاً؟ قالَ : نعَم، فاشتراهُ فأعتقَهُ فقالَ المشركونَ : ما أعتقَهُ أبُو بكرٍ إلا ليدٍ كانتْ له عندَهُ فنزلتْ وقولُه تعالَى :﴿ وَلَسَوْفَ يرضى ﴾ جوابُ قسمٍ مضمرٍ أيْ وبالله لسوفَ يَرْضَى وهو وعدٌ كريمٌ بنيلِ جميعَ ما يبتغيهِ على أكملِ الوجوهِ وأجملِها إذْ بهِ يتحققُ الرِّضَا وقُرِىءَ يُرْضَى مبنياً للمفعولِ من الإرضاءِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon