قال الحسن : بالخلف من عطائه، واختار هذا ابن جرير ﴿ فَسَنُيَسّرُهُ لليسرى ﴾ أي : فسنهيئه للخصلة الحسنى، وهي : عمل الخير، والمعنى : فسنيسر له الإنفاق في سبيل الخير، والعمل بالطاعة لله.
قال الواحدي : قال المفسرون : نزلت هذه الآيات في أبي بكر الصدّيق اشترى ستة نفر من المؤمنين كانوا في أيدي أهل مكة يعذبونهم في الله.
﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ واستغنى ﴾ أي بخل بماله، فلم يبذله في سبل الخير، واستغنى أي : زهد في الأجر والثواب، أو ﴿ استغنى ﴾ بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة.
﴿ وَكَذَّبَ بالحسنى ﴾ أي : بالخلف من الله عزّ وجلّ، وقال مجاهد : بالجنة، وروي عنه أيضاً أنه قال : بلا إله إلاّ الله ﴿ فَسَنُيَسّرُهُ للعسرى ﴾ أي : فسنهيئه للخصلة العسرى، ونسهلها له حتى تتعسر عليه أسباب الخير والصلاح، ويضعف عن فعلها، فيؤديه ذلك إلى النار.
قال مقاتل : يعسر عليه أن يعطي خيراً.
قيل العسرى الشرّ، وذلك أن الشرّ يؤدي إلى العذاب، والعسرة في العذاب، والمعنى : سنهيئه للشرّ بأن نجريه على يديه.
قال الفراء : سنيسره سنهيئه، والعرب تقول : قد يسرت الغنم إذا ولدت، أو تهيأت للولادة.
قال الشاعر :
هما سيدانا يزعمان وإنما... يسوداننا إن يسرت غنماهما
﴿ وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى ﴾ أي : لا يغني عنه شيئًا ماله الذي بخل به، أو أي شيء يغني عنه إذا تردّى، أي : هلك، يقال : ردي الرجل يردى ردى، وتردى يتردّى : إذا هلك.
وقال قتادة، وأبو صالح، وزيد بن أسلم :﴿ إذا تردّى ﴾ : إذا سقط في جهنم، يقال ردي في البئر، وتردّى : إذا سقط فيها، ويقال : ما أدري أين ردى، أي : أين ذهب؟ ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا للهدى ﴾ هذه الجملة مستأنفة مقرّرة لما قبلها، أي : إن علينا البيان.
قال الزجاج : علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال.
قال قتادة : على الله البيان : بيان حرامه، وطاعته، ومعصيته.


الصفحة التالية
Icon