قال الفراء : من سلك الهدى، فعلى الله سبيله، لقوله :﴿ وَعَلَى الله قَصْدُ السبيل ﴾ [ النحل : ٩ ] يقول : من أراد الله، فهو على السبيل القاصد.
قال الفراء أيضاً : المعنى إن علينا للهدى والإضلال، فحذف الإضلال كقوله :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر ﴾ [ النحل : ٨١ ] وقيل المعنى : إن علينا ثواب هداه الذي هديناه ﴿ وَإِنَّ لَنَا لَلأَخِرَةَ والأولى ﴾ أي : لنا كلّ ما في الآخرة، وكلّ ما في الدنيا نتصرف به كيف نشاء.
فمن أرادهما أو إحداهما، فليطلب ذلك منا، وقيل المعنى : إن لنا ثواب الآخرة، وثواب الدنيا.
﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى ﴾ أي : حذرتكم وخوّفتكم ناراً تتوقد وتتوهج، وأصله تتلظى، فحذفت إحدى التاءين تخفيفاً.
وقرأ على الأصل عبيد بن عمير، ويحيى بن يعمر، وطلحة بن مصرف.
﴿ لاَ يصلاها إِلاَّ الأشقى ﴾ أي : يصلاها صلياً لازماً على جهة الخلود إلاّ الأشقى وهو الكافر، وإن صليها غيره من العصاة، فليس صليه كصليه.
والمراد بقوله :﴿ يصلاها ﴾ : يدخلها، أو يجد صلاها، وهو حرّها.
ثم وصف الأشقى فقال :﴿ الذى كَذَّبَ وتولى ﴾ أي : كذب بالحق الذي جاءت به الرسل، وأعرض عن الطاعة والإيمان.
قال الفراء :﴿ إِلاَّ الأشقى ﴾ إلاَّ من كان شقياً في علم الله جلّ ثناؤه.
قال أيضاً : لم يكن كذب بردّ ظاهر، ولكن قصر عما أمر به من الطاعة، فجعل تكذيباً، كما تقول لقي فلان العدوّ، فكذّب : إذا نكل، ورجع عن اتباعه.
قال الزجاج : هذه الآية هي التي من أجلها قال أهل الإرجاء بالإرجاء، فزعموا أنه لا يدخل النار إلاّ كافر ؛ ولأهل النار منازل، فمنها أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
والله سبحانه كلّ ما وعد عليه بجنس من العذاب، فجدير أن يعذب به، وقد قال :﴿ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾