﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى ﴾ ماله في سبيل الله ﴿ واتقى ﴾ ربّه واجتنب محارمه ﴿ وَصَدَّقَ بالحسنى ﴾ اي بالخلف أيقن بأن الله سبحانه سيخلف هذه، وهذه رواية عكرمة وشهر بن حوشب، عن ابن عباس، يدلّ عليه ما أخبرني عقيل أن أبا الفرج أخبرهم، عن محمد بن جرير قال : حدّثني الحسن بن أبي سلمة بن أبي كبشة قال : حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال : حدّثنا عباد بن راشد، عن قتادة قال : حدّثنا خليل العصري، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ﷺ :" ما من يوم غربت شمسه إلاّ وبعث بجنبتها ملكان يناديان، يسمعهما خلق الله تعالى كلهم إلاّ الثقلين، اللهم أعطِ منفقاً خلفا وأعطِ ممسكاً تلفاً، فأنزل في ذلك القرآن، فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى الى قوله للعسرى ".
وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحّاك : وصدّق بالحسنى، ب ( لا إله إلاّ الله ). وهي رواية عطية، عن ابن عباس. وقال مجاهد : بالجنة، ودليله قوله سبحانه ﴿ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ ﴾ [ يونس : ٢٦ ]، وقال قتادة ومقاتل والكلبي : بموعود الله الذي وعده أن يثيبه.
﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ ﴾ فسنهيّئه في الدنيا، تقول العرب : يسّرت غنم فلان إذا ولدت أو تهيّأت للولادة، قال الشاعر :

هما سيدانا يزعمان وإنما يسوداننا إن يسّرت غنماهما
﴿ لليسرى ﴾ للخلّة اليسرى، وهي العمل بما يرضاه الله سبحانه، وقيل : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ ﴾ بالنفقه في الخير ﴿ واستغنى ﴾ عن ربّه فلم يرغب في ثوابه ﴿ وَكَذَّبَ بالحسنى * فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى ﴾ أي للعمل بما لا يرضى الله حتى يستوجب به النار، فكأنه قال : نخذله ونؤذيه إلى الأمرّ العسير، وهو العذاب. وقيل : سندخله جهنم، والعسرى اسم لها.


الصفحة التالية
Icon