والثاني :" أن رجلاً كانت له نخلةٌ فرعُها في دار رجلٍ فقيرٍ ذي عيال، وكان الرجل إذا صَعِدَ النخلة ليأخذ منها الثمر، فربما سقطت الثمرة، فيأخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذ الثمرة من أيديهم، فإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرجها، فشكا ذلك الرجل إلى النبي ﷺ، فلقي النبيُّ ﷺ صاحبَ النخلة، فقال :"تعطني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟" فقال الرجل : إن لي نخلاً وما فيه نخلة أعجب إليَّ منها، ثم ذهب الرجل، فقال رجل : ممن سمع ذلك الكلام : يا رسول الله، أتعطيني نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟ قال : نعم، فذهب الرجل، فلقي صاحب النخلة، فساومها منه، فقال له : أَمَا شَعَرْتَ أن محمداً أعطاني بها نخلة في الجنة؟ فقلتُ : ما لي نخلة أعجب إليَّ منها، فقال له : أتريد بيعها؟ قال : لا، إلا أن أُعطى بها مالا أظنني أعطى، قال : ما مناك؟ قال : أربعون نخلة، فقال : أنا أُعطيك أربعين نخلة، فأشهد له ناساً، ثم ذهب إلى رسول الله ﷺ فقال : إن النخلة قد صارت في ملكي، وهي لك، فذهب رسول الله ﷺ إلى صاحب الدار، فقال : النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله عز وجل "والليل إذا يغشى" إلى قوله تعالى ﴿ إن سعيكم لشتى ﴾ " رواه عكرمة عن ابن عباس.
وقال عطاء : الذي اشتراها من الرجل أبو الدحداح، أخذها بحائط له، فأنزل الله تعالى هذه الآيات إلى قوله تعالى :"إن سعيكم لشتى" أبو الدحداح، وصاحب النخلة.
قوله تعالى :﴿ فأما من أعطى واتقى ﴾ قال ابن مسعود : يعني : أبا بكر الصديق، هذا قول الجمهور.
وقال عطاء : هو أبو الدحداح.
وفي المراد بهذا العطاء ثلاثة أقوال.
أحدها : أعطى من فضل ماله، قاله ابن عباس.
والثاني : أعطى الله الصدق من قبله، قاله الحسن.
والثالث : أعطى حق الله عليه، قاله قتادة.